متى تتألق القصيدة ؟ ومتى تنحدر إلى مهاوي الإسفاف ؟ د. أحمد كودي تربة _ السودان

جريدة أرض بلادي-هيئة التحرير-

استوقفتني ونال مني المنى والإعجاب هذه العنونة المختارة النبيهة، التي بادر بفتح أبوابها وترميم بنياتها الناقد الاستاذ مصطفى لغتيري لموضوع ٱثر ومهم ومحوري يكاد يكون من القضايا الأديبة والفكرية والعلمية والنقدية التي دار رحاحها في عقول المختصين واضابير النقاد المفوهين ومحابر وتجريديات الكتاب المتقنيين ، ذلك أن الطريق الأمثل لإبتناء وتشييد جدارية شعرية شعورية صحيحية فصيحة وبليغة يحتم المرور والوقوف على جملة المرتكزات والمرور على عديد المحطات والوقوف على جملة من المواقف … أول المداخل التي تهدف إلى اجتلاء مفهوم العنونة هو معرفة وتحديد عتبات اقتناص فهم وذوق هذا النوع من المنازع الانسانوية خليط الاحسايس والمشاعر ، والتي توسم ب(فن الشعر) حسب منطوق أرسطو الفيلسوف ، فهو عمل شاق ومضن وصنعة تحتاج إلى مهارة وتعود وإصلاح وإجادة صنعة وزاد نفسي مسنود بتجارب حياتية مستمرة وعين لاقطة وذهن حافظ وعقل مبدع وخيال مبتدع وانفعالات وجدانية تتجسم في بال من ينظم الشعر بتمثله في الصباغ لا اللفظي فحسب بل هي مضمضمات قلبية جيدة السبك تشاد على معيارية من الذوق الجمالي والتذوق النفسي والبعد التمييزي الذي بمقدوره رسم الحدود ما بين المقبول والمعقول وعكسهما (وهذا إتجاه نقدي وذوي حاذق) باعتبارهما تماسا المعايرة والقدرة العلمية للقول السمح أو السمج , ليس من باب المزاج لكن عبر توال وتراص متناسق ومنتظم من الشروح المنهجية والقياس والمقايسة الذوقية القائمة على الفطرة التي عليها ارباب النظم الشعري او اقرب من ذلك بقليل … إن تناول وتداول مثل هاتيك الدراسات يحتم في المبتدأ تحشيد مختلف وجهات النظر الداعمة للصياغ البحثي نفسه بما يفضي إلى نتيجة متفق عليها أو الإعانة على فتح شرفات من تفرعات تحليلية تقود هي نفسها إلى نقطة تلاق.
فالقصيدة هي نبت الفكرة والملمح الأسمى للشعر وبكل أبعاده الفنية والذوقية والإبداعية والكيفية التركيبية … فالشعر بشكل عام يبنى على الفطرة وزاد الموهبة والقدرة على حياكة المعاني وتطريز الكلمات بالصياغ اللغوي الصحيح والفصيح والدقيق والسليم والمتداول المقبول والمسموع ، وهو فيض من المشاعر ونبض حسي من قلب جبل على حب الابداع وتخيله وإنتاجه ومن ثم إدمانه.
حتى تتألق وتأتلق القصيدة حضورا وصياغا أدبيا ملهما يحتم أن تتوافر بها وفيها وعليها بعض السمات والخصائص :
– التوافق بين النص المكتوب والكلمة المنتقاة المعبرة وصورة المعنى المتخيلة.
_ سمت الخيال والتجسيم والتنميط من منظور التخصيص الدقيق والواقعية ومبارحة الإفراط (التخيل المزعج) والصور الهلامية ( اللا معقول ).
_ دقة الدلالة والصياغ المترابط في المباني والمعاني بحيث تشد بعضها البعض في ثبات ورسوخ وإتزان.
_ إعتماد مبدأ المسايرة والمواكبة بمفهوم التكلم والنظم الممراح الأخٱذ في الموضوعات الحاضرة والقضايا الماثلة بمعنى المعاصرة زمنيا ومكانيا.
جملة من المرتكزات وفواتح بناء القصيدة الشعرية بالنسق الذي يجد القبول والرضأ من متذوقي الشعر ونقاده وبها اساهم وأتكلم واكتب وما قصدي الا المشاركة في هذا الدرس التدريبي والتوجيهي لكيفية بناء إنموذجية القصيدة.