جريدة أرض – محمد محسين الادريسي –
عندما انحسرت مياه الفيضانات، وعادت الحياة إلى طبيعتها تدريجياً، انتهى دور الأبطال الحقيقيين الذين واجهوا الكارثة بكل شجاعة وتفانٍ. رجال الإطفاء الذين خاطرون بحياتهم لإنقاذ الأرواح، والمسعفون الذين عملوا بلا كلل لتضميد الجراح، والجنود من القوات المسلحة الملكية الذين بذلوا جهودًا جبارة لإعادة إعمار ما دمرته العاصفة.
ولكن، وبعد أن انتهت المهمة الصعبة، وبانتصارًا على الكارثة، جاء الدور على أصحاب البذلات الأنيقة وربطات العنق.
فجأة، يظهر هؤلاء في مسرح الأحداث وكأنهم نجوم متألقون، وكأنهم جاؤوا ليعيدوا تعريف مفهوم “السطوع”، حتى مع توهج الشمس. إنهم يخوضون منافسة شرسة مع الشمس في السطوع، وكأن الجهود السابقة التي بذلتها فرق الإنقاذ والحماية المدنية لم تكن سوى تمهيد لدورهم اللامع.
أية دراما وأي تألق! أين كانت هذه البذلات الأنيقة عندما كان يتوجب عبور مجرى واد غارق في مياه الفيضان؟ أين كانت هذه القوة الخارقة التي تمكن من يرتديها على تخطي كل المعوقات وإعادة إعمار ما دمرته العاصفة؟
لقد حان الوقت للتوقف عن هذه المسرحية الهزلية. حان الوقت للاعتراف بأن العمل الحقيقي، والبطولة الحقيقية في وقت الكوارث، لا تكمن في الملابس الأنيقة وإنما في السواعد القوية والقلوب الشجاعة. حان الوقت لإعطاء الأبطال الحقيقيين التقدير الذي يستحقونه، وأن ندخر هذه العروض الاستعراضية لمناسبة أخرى.