مراجعة رواية ” الأبله والمنسية وياسمين” للكاتب والروائي المغربي الميلودي شغموم

جريدة أرض بلادي_
الحسين أيت بها_كاتب مغربي_


رواية الأبله والمنسية وياسمين، رواية الميلودي شغموم، تغوص في عوالم التجريب الروائي، وتستمد مرجعيتها من الثقافة العربية، وحكايات ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة، وشخوصها غريبة غرابة الرواية نفسها، ولها مميزات مرتبطة بطبيعتها النفسية والسيكولوجية، تتجلى الغرابة في البناء المعماري للرواية الذي يمتح من العجائبي والغرائبي من القص في ثقافتنا الشعبية المغربية و الأمثال و حكايات الجدات من المتخيل الشعبي، للثقافة والذاكرة الجمعية للمخيال المغربي. تلك الحكايات ذات المتعة والفائدة لما تقدمه من تشويق كبير يجذب الصغار والكبار.
رواية الحكاية الناقصة التي تحتاج إلى ” تتمة”، ورواية التشكيك، في متن الحكاية على يد من يطلب سماع الحكاية من جدته، وهو الراوي الذي تقمص شخصية، التلميذ، المتشكك في متن الحكاية، وكان كل مرة يقاطع جدته ويسخر منها،
دعونا نغوص إذن في عالم الحكاية الغريب، الذي يتقاطع فيه الماضي بالمستقبل والحاضر الواقعي والتخييلي،
تقول الجدة في بداية حكيها:
” في البداية ألعن الشيطان ثم أصلي على النبي العدنان. بعد الاستعانة بالرحمان… كان يا مكان… كانت هناك في كل مكان وزمان.”. ص: 9

الحكاية تتلخص في أسباب نجاة ” الأبله” ، ذلك الذي فضل الهروب والاختفاء بدل المجابهة عندما تعرضت القرية لغزوات الغرباء. ص؛ 8 من الرواية
لكنه عاد ببدلة أوروبية ربطة عنق، وصلع تلمع وكرش مدورة، ص: 10 من الرواية
شيد الأبله له قصرا في القرية، و أحضر معه البنت الشقراء لتسكن معه، ذلك الأبله الذي سرق مظهر القرية المتحضر، ليدخل التمدن لقرية المنسية الجاهلة والمحافضة. بمساعدة الأبيض و الشقراء.
وفي الفصل الثاني: يتابع الراوي التلميذ؛ متن الحكاية ليتأكد من صدقها، هذه المرة يرغب في سماع حكاية الجد، ولكن الجدة خبيثة تستغله وتكذب وتختلق الأحداث، سيحاول معرفة تتمة القصة من الجد العارف بمضمون الحكاية.
يخبره الجد بالقصة الحقيقية، وهي أسباب دخول الأبيض إلى القرية، واستحكامه في أمورها،لمعرفته بالدين وجهل سكان قرية المنسية. وحكاية الأبله الحقيقية ابن التاجر العفيف، ومنه خرج ابنه الحكيم الأبله الذي أصبح له شأن كبير، وولاه الأبيض ليقوم بشؤونه في قرية المنسية لغيابه الاضطراري. وبفضل أصبح الأبله الٱمر والناهي في قرية المنسية، ملكا عليها، وقائدا ٱخذا بزمام أمورها… وقد تمكن الأبيض بذكائه من السيطرة على الأبله وتأليهه، ليحل مكانه هو والشقراء. ومن شدة عبادة أهل المنسية للأبله، استحكمت الديون فيهم، والأبله الإله لا يسمع ولا يرى، وتحققت نبوءة من أخبرهم بما سيقع لهم وهو المتسول، وهو نفسه الجد، المفاجأة التي لم يصدقها التلميذ.

وفي الفصل الأخير يهاجر التلميذ إلى مدينة المنسية، لمعاينة الوقائع و الأحداث، الفضاء الذي وقعت فيه حكاية الأبله،( أنظر كتاب د. سعيد يقطين القراءة والتجربة)

طبقت الرواية مبدأ تعدد الرواة أو تعدد الأصوات السردية وهو من التقنيات الحديثة للرواية، الذي استحدثه لتحاول تجاوز أشكال المضمون إلى أشكال جديدة،
( جدلية الشكل والمضمون حسب تعبير د. سعيد يقطين، انظر كتاب: قضايا الرواية العربية الجديدة.)
فيكون شكل البناء المعماري مبنيا على الحكاية الواحدة وهي( الإطار ), قصة الأبله والمنسية، والحكايات المتخلقة عنها ( حكايات الغيرة ضد الأبله من طرف الخادم ) أنظر الرواية ص: 20
، وتعدد الحكائيين،
الراوي الأول: الراوي : التلميذ المتشكك والساخر
الراوي الثاني : الجدة الخبيثة.
الراوي الثالث : الجد المتسول .
إن تعدد منظورات الحكي يرجع لطبيعة الحكي نفسه، أو طريقة تقديم الحكاية الناقصة التي تحتاج إلى نهاية، مما يفسر تضارب وجهات النظر ، أو تعدد زوايا النظر .

أما شخوص الرواية فهي غريبة تستمد ذلك من طبيعة روافد الثقافة التي يغرف منها الروائي الميلودي شغموم، وهي شخوص غريبة الأطوار مثل عناوين الميلودي شغموم التي هي حسب أحمد اليابوري عناوين غير منطقية، تسعى إلى إرباك المتلقي وتكسير أفق انتظاره.

المراجع:
رواية الأبله والمنسية وياسمين، الميلودي شغموم، منشورات الزمن، الطبعة الأولى 2015. سلا المغرب.
– القراءة والتجربة: حول التجريب في الخطاب الروائي الجديد بالمغرب.، سعيد يقطين. الطبعة الأولى 2014، دار رؤية للنشر،
_ قضايا الرواية العربية الجديدة، الوجود والحدود، سعيد يقطين، منشورات الاختلاف . الطبعة الأولى 2014.
_ دينامية النص الروائي، أحمد اليابوري، منشورات اتحاد كتاب المغرب، الطبعة الأولى سنة 1993. الرباط.