أرض بلادي – البيضاء
نجيم عبد الإله
إذا كنا فعلا نعيش في مغرب جديد مغرب الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان ، فعلينا التعامل مع المواطنين معاملة مواطنة ومحترمة، خاصة مع الفقراء والضعفاء لأنهم مغاربة.
هناك أولويات في الحياة معمول بها في كل دول العالم قاطبة ، فلماذا لا يعمل بها في المغرب ، هل المواطن المغربي أقل شأن من غيره؟ أم ماذا ؟ لماذا نقلق وننفعل حينما تصنفنا بعض المنظمات الدولية تصنيفا متأخرا في سلاليم متأخرة مقارنة مع دول العالم الثالث لا رفاهية ، ولا سعادة، ولا حقوق الإنسان ، نتقدم في الفقر وفي الرشوة ، فإذا كنا فعلا لا نريد تلك التصنيفات علينا أن نراجع أنفسنا مراجعة جدرية .
ولجت السيدة بلغيت فاطمة حاملة في شهرها السابع ، و كانت تتابع حملها بمستشفى ابن رشد بشهادات طبية مؤكدة، تحت إشراف طبيبها المسؤول الوحيد، الذي يتابع ملفها و يعلم وضعية الجنين الحرجة قبل ولادته ، الأم فاطمة جاءها المخاض قبل الآوان ، فاتجهت إلى المستشفى لتلد قبل وقتها الأصلي بتلاتة أشهر بنتا خدوج غير مكتملة النمو، تعتبر المولودة المتوفية روحا وإنسانا ،ملزمين بالمحافظة على حياتها وإنقادها ، أقل ما يمكن فعله في حقها دون تردد ، وضع الجنين في الحاضنة الاصطناعية لمدة شهران على الأقل حتى يكتمل نموها .
لكن إدارة المستشفى عرضت الجنينة في خبر كان ، و رفضت وضعها في الحاضنة دون سبق إصرار ، ورمتها في خرقة بإحدى الغرف المتسخة دون رحمة ولا شفقة، ماتت المولودة دون رعاية ،بحجة أنه لا توجد حاضنات إصطناعية بمستشفى الأطفال ابن رشد ، وأخبرتهم إدارة المستشفى،أنه في هذه الحالة،تتكفل الأسرة بشراء الحاضنة أو دفع مقابلها لحجز حاضنة لها من أجل الحياة.
فتدخلت عائلة البنت المزدادة في وضعية صعبة ، وأخبروا الإدارة ان الأسرة فقيرة و لا معيل لها، لكن لا حياة لمن تنادي ، ومر يوم السبت بنهاره وليله والجنينة مرمية في خرقة بالية بإحدى غرف المستشفى تلفض أنفساها رويدا رويدا ، أمام أعين كل الأطباء والممرضين والمسؤولين الذين يذهبون ويتجولون في ردهات قسم الولادة دون أن يتحرك فيهم شعور الحنان والإحساس بالإنسانية ، فقط لأنهم قد يتحركون طمعا في الأوراق الزرقاء لمضاعفة راتبهم على حساب جيوب المواطن المغلوب على أمره.
ومر يوم الأحد بنهاره وليله والأم تتألم وتتحسر على حال مولودتها الصغيرة التي تلفظ أنفاسها.
فكيف يعقل أن نترك هذه المولودة بدون حاضنة ونحن نعلم أن موتها حتميا ومؤكد ؟
تم وضع المولودة في الحاضنة ، بعد عدة تدخلات ،لكن دون جدوى فات الأوان لتلفظ الصغيرة البريئة أنفاسها قبل تسميتها . لأنه لا يمكن أن تعيش وسط عالم ظالم، عالم منافق، وعالم المحسوبية والزبونية وعالم الذئاب البشرية الشرسة والجائعة المسعورة .
أسرة المولودة سترفع دعوى قضائية ضد إدارة مستشفى ابن رشد حسب مصادر موثوقة بتهمة القتل العمد في حق جنينة بريئة ،فأغلب الضحايا يموتون في صمت بفعل القوانين الجائرة أو ظلم من ذوي الجاه والنفوذ ،و المفروض على البرلمانين الذين يزعمون تمثيل الأمة أن يطرحون قوانين صارمة في مثل هذه الحالات التي يكون الإنسان أمام مصير الموت المحتوم، وعلى الدولة أن تتدخل لإنقاذه سواءا جراء حوادث السير أو غيرها من الحوادث الخطيرة التي تصيب الإنسان وتهدد حياته لكنه يكون معدوم القدرة المادية ، وعلينا أن لا نتركه معرضا للموت المجاني وأن نتضامن معه إلى آخر رمق من حياته لكي لا يذهب إلى الآخرة وهو مظلوم كما ظلم قبل ذلك في الدنيا.