أرض بلادي _عزيز بنعبد السلام
في حوار مؤثر خصّت به جريدة “أرض بلادي”، فتحت الأستاذة كريمة بنعمار، رئيسة جمعية التوحد ببويافر، قلبها للحديث عن مشوارها الإنساني والنضالي رفقة فئة منسية من المجتمع، هم أطفال التوحد، الذين نذرت نفسها لخدمتهم والدفاع عن حقوقهم، متحدّية كل الصعوبات والإكراهات التي تواجه العمل الجمعوي في المناطق القروية.
تحدثت الأستاذة كريمة بكل صدق وعفوية عن بداية تأسيس الجمعية، التي انطلقت من معاناة عائلات كانت تجهل كيفية التعامل مع أطفالها من ذوي التوحد، في غياب أي تأطير أو دعم مؤسساتي. ومنذ اللحظة الأولى، اختارت أن تكون صوتًا لهؤلاء الأطفال، وسندًا لعائلاتهم، وأسست الجمعية لتكون فضاءً للرعاية والتأطير والتكوين. لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، بل واجهت الجمعية عراقيل عديدة، بدءًا من ضعف الإمكانيات وغياب الدعم القار، إلى غياب الوعي المجتمعي بقضية التوحد، إلا أن إرادة الفريق المسير وحماس المتطوعين جعل الجمعية تصمد، وتحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
وقد كشفت رئيسة الجمعية، خلال الحوار، عن جملة من الأنشطة والخدمات التي تقدمها الجمعية لفائدة الأطفال، من بينها الحصص التربوية الفردية، والدعم النفسي، والأنشطة الترفيهية والرياضية، إلى جانب تنظيم لقاءات تحسيسية لفائدة الأمهات، وتكوينات متخصصة في مجال التربية الدامجة. كما أشارت إلى الدور المهم الذي تلعبه الجمعية في مرافقة الأسر ومساعدتها على فهم طبيعة التوحد، والتعامل معه بطرق علمية سليمة.
رغم محدودية الموارد، إلا أن الجمعية استطاعت تحقيق مجموعة من الإنجازات، بفضل روح التضامن والانخراط الفعلي للطاقم التربوي والإداري، وكذا دعم بعض الغيورين على العمل الاجتماعي. وعبّرت الأستاذة كريمة عن امتنانها لكل من يود دعم الجمعية يساهم في أن تبقى أبوابها مفتوحة في وجه أطفال في أمسّ الحاجة إلى من يحتضنهم. كما وجّهت نداءً صريحًا إلى السلطات المحلية والمنتخبة، من أجل دعم الجمعية بشكل مستمر، وتمكينها من مقر دائم يليق بطبيعة الخدمات التي تقدمها، وكذا توفير وسيلة نقل خاصة بالأطفال، معتبرة أن هذه المطالب أساسية لضمان استمرارية المشروع التربوي والإنساني الذي تتبناه الجمعية.
وأكدت الأستاذة كريمة بنعمار، في ختام الحوار، أن رسالتها لن تتوقف، وأنها ستواصل النضال من أجل دمج أطفال التوحد في المجتمع، ومنحهم فرصة لحياة كريمة ومستقبل أفضل، مشددة على أن التوحد ليس مرضًا بل حالة تحتاج إلى فهم واحتضان، وأن الطفل المتوحد قادر على الإبداع والتميّز إذا توفرت له البيئة المناسبة.
بهذا المشوار المليء بالعطاء والتحديات، تكون الأستاذة كريمة قد بصمت اسمها كواحدة من النساء الرائدات في مجال العمل الجمعوي بجماعة ايعزانن ضواحي إقليم الناظور، ورسّخت قناعة راسخة بأن العمل من أجل الطفولة، خصوصًا الفئات الهشة، هو أنبل ما يمكن أن يقدمه الإنسان لمجتمعه.