مطالب باجبارية التعليم و دعم الأسر الهشة لمحاربة تشغيل الأطفال 

جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

كشفت أرقام المندوبية السامية للتخطيط الصادرة بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة تشغيل الأطفال أن حوالي 69 ألف طفل يقومون بأشغال خطيرة، مبرزة أن ظاهرة تشغيل الأطفال بالمغرب في تراجع إلا أنها مازالت مستمرة خصوصا لدى فئات ومناطق معينة. فما الذي يجب القيام به للحد من هذه الظاهرة؟

يرى رئيس جمعية منتدى الطفولة عبد العالي الرامي، أن المجهودات المبذولة للحد من عمالة الأطفال لم تقطع بعد مع هذه الظاهرة رغم التراجع الذي سجلته المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها، وذلك بالنظر لاستمرار وجود أطفال خارج منظومة التعليم.

 

يقظة آنية

 

وأفادت المندوبية بأن عدد الأطفال المشتغلين يستمر في الانخفاض، مقارنة بسنة 2022، بحيث تراجع عدد الأطفال النشيطين المشتغلين بـ13,4 في المائة، كما تقلص هذا العدد بأكثر من النصف (55,5 في المائة) مقارنة بسنة 2017.

 

وأكد الرامي، في تصريح لـSNRTnews، أن المغرب مازال يواجه إشكالية تصدير الظواهر من المناطق الهشة، بحيث ترتفع نسبة عمالة الأطفال بالوسط القروي (88 ألف طفل) مقارنة بالوسط الحضري (22 ألف طفل)، محذرا من تفاقم هذه الظاهرة خصوصا بعد توالي سنوات الجفاف والتغيرات المناخية، وتداعيات الجائحة التي أثرت على العديد من الأسر.

 

كما أشار إلى وجود مخاوف تستدعي اليقظة الآنية والتي يمكن أن تساهم في تنامي ظاهرة تشغيل الأطفال؛ على رأسها ارتفاع الأسعار وتضرر القدرة الشرائية للعديد من الأسر ذات الدخل المحدود، موضحا أن هذه الأسر تعتبر أطفالها دعامة لها لمساعدتها ماديا، ما يمكن أن يتسبب في انضمام أطفال آخرين لغير المتمدرسين وفي وضعية عمالة.

 

وللحد من عمالة الأطفال دون سن الـ18، شدد الفاعل الجمعوي على ضرورة الإسراع بإجبارية التعليم وفرضه على كافة الأطفال، مع إجبار الآباء على تعليم أبنائهم عبر خلق برامج تحفيزية متنوعة.

 

وأكد في السياق ذاته على ضرورة توفير العيش الكريم للأسر الهشة وتحقيق عدالة جغرافية واقتصادية واجتماعية بين الأطفال، مبرزا أنه “لا يمكن التفكير في حلول للطفل دون التفكير في حلول للأسرة أيضا”.

 

تنمية المناطق الهشة

 

ويستدعي ذلك، وفق الرامي، تنمية المناطق المصدرة لظاهرة التشغيل وإقرار سياسة عمومية واضحة تخدم قضايا الطفولة وتحمي الأطفال من الاستغلال البشع الذي يتعرضون له من طرف المشغلين، “نظرا لأنهم فئة هشة وأقل تكلفة مالية ويسهل بذلك استغلالهم”.

 

وتطرق في حديثه عن المجهودات المبذولة للحد من هذه الظاهرة إلى عمل رئاسة النيابة العامة التي أصدرت تعليمات بمواجهة الوسطاء الذي يشغلون هؤلاء الأطفال خصوصا العاملات المنزليات الصغيرات أو من يشتغلون في المعامل والأوراش بأقل تكلفة.

 

وشدد على دور مفتشي الشغل وباقي الجهات الوصية التي يجب أن تكثف المراقبة داخل هذه المعامل وبين الوسطاء للحد من تشغيل هؤلاء الأطفال.

 

وفي ما يتعلق بالتشريعات القانونية، أكد الرامي أن الإشكال يتعلق بمدى تطبيقها على أرض الواقع، بحيث تنص مدونة الشغل على منع تشغيل الأطفال أقل من 15 سنة، وسنت عقوبات مترتبة عن ذلك، فضلا عن قانون العمال المنزليين والذي أطر عملية التشغيل هذه.

 

وتنص المادة 143 من مدونة الشغل على أنه “لا يمكن تشغيل الأحداث، ولا قبولهم في المقاولات، أو لدى المشغلين، قبل بلوغهم سن خمس عشرة سنة كاملة”.

 

كما تنص المادة 145 من المدونة، على أنه “يمنع تشغيل أي حدث، دون الثامنة عشرة، ممثلا، أو مشخصا في العروض العمومية المقدمة من قبل المقاولات التي تحدد لائحتها بنص تنظيمي، دون إذن مكتوب يسلمه مسبقا العون المكلف بتفتيش الشغل، بخصوص كل حدث على حدة، وذلك بعد استشارة ولي أمره”.

 

و “يحق لهذا العون أن يستجيب، إما من تلقاء نفسه، وإما بطلب من كل شخص مؤهل لهذا الغرض، الإذن الذي سبق له أن سلمه في هذا الشأن”.

 

تجريم تشغيل الأطفال

 

ويعاقب بغرامة من 2000 إلى 5000 درهم من لا يتوفر على الإذن المنصوص عليه في المادة 145.

 

كما يعاقب بغرامة من 25 ألف درهم إلى 30 ألف درهم كل من خالف المادة 143، وفي حالة العود، تضاعف الغرامة والحكم بحبس تتراوح مدته بين 6 أيام و3 أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين.

 

وشدد الرامي على ضرورة تجريم تشغيل الأطفال، بالنظر لكون مكانهم الطبيعي هو المؤسسة التعليمية والأسرة، مشيرا إلى أن استغلالهم في التسول يعد بدوره خرقا للقانون إلا أنه ظاهرة متنامية خصوصا في المدن الكبرى.

 

ودعا إلى الاستثمار في برامج دعم جميع الفئات الاجتماعية والاهتمام بالطفولة لخلق جيل في وضع سليم والاستثمار في العنصر البشري الذي يعد أساس بناء المجتمعات ككل.