مظاهرة أساتذة التعاقد..الواقع المر

جريدة أرض بلادي_الدار البيضاء_

ليلى التجري_

أثار موضوع أساتذة التعاقد أو ما يصطلح عليهم ‘أطر الأكاديميات’ جدلا واسعا في الساحة المغربية ، و استياءا عميقا لدى فئات كبيرة من المجتمع، وذلك بسبب المصير الغامض لكل من الأستاذ و المدرسة العمومية.
وما الإعتداء الذي تعرض له بعض الأساتذة و الأستاذات المطالبين بحقهم في الإدماج كحق مشروع دليل على ذلك.
وهم الذين نظموا فقط مظاهرة سلمية طالبوا من خلالها بإسقاط نظام التعاقد و إدماجهم في سلك الوظيفة العمومية، رافعين شعار ‘ الإدماج أو البلوكاج’
يبقى الإشكال مطروحا: لماذا نظام التوظيف بالتعاقد؟لماذا لا تستجيب الحكومة لمطالبهم؟من المتضرر من كل ذلك؟
كما يعلم الجميع، فقد قررت الدولة منذ سنة 2016، اعتماد نظام التوظيف بالتعاقد ،معناه أن يخضع المدرس بعد توقيع العقد لنظام الأكاديمية، و ليس لنظام الوزراة، وبالتالي يفقد الموظف جزءا من حقوقه التي يتمتع بها الموظفون في الوزارة.
ومن بين ذلك إمكانية فسخ العقد دون تعويض مادي، كما لا يحق للمتعاقد التقاعد في حق مرضه وعجزه عن مزاولة المهنة، فضلا عن ارتباطه الإلزامي بجهة من الجهات وعدم السماح للمتعاقدين و المتعاقدات بمزاولة المهنة في غير الجهة التي ينتمي إليها المحددة مسبقا…
شروط هشة و ارتجالية في مجملها، تربك الأستاذ المتعاقد وتجعله يتوه في دوامة عدم الإستقرار المهني وبالتالي ضعف المردودية.
جاء التوظيف بالتعاقد محاولة من الدولة المغربية لسد الخصاص المهول الذي تعانيه إثر المغادرة الطوعية لعدد كبير من موظفي الوزارة في مقابل ذلك مشكل الإكتظاظ في الفصول الدراسية.
وبالتالي تم نهج سياسة الحلول السهلة لحل المشكل و في نفس الوقت التخفيف من شبح البطالة لدى حاملي الشواهد العليا.
هذا الأمر الأخير، جعل الأساتذة يوقعون على العقود مضطرين في غياب بديل آخر، و في نفس الوقت يطالبون بحقهم في الإدماج كحق من الحقوق المخولة لهم ناهجين في ذلك أسلوب التظاهر السلمي لتعديل ما تم تطبيقه و إدماجهم في سلك الوظيفة العمومية،وإعادة إحياء النفس التعليمي للخلق والمواكبة والعطاء.
بالرغم من الضرر الذي يلحقه تظاهر الأساتذة و التبعات التحصيلية على الأداء المهني، يبقى المتضرر الوحيد هو المتعلم و ما لذلك من تأثير سيكولوجي على نفسية المتعلم حينما يرى أستاذه يعنف، و هو يطالب فقط بحقه في الإدماج.
من وجهة نظري ينبغي إعادة النظر في سير المنظومة التعليمية التعلمية، وذلك بنهج سياسة الحوار و التحاور البناء عوض أسلوب القمع الهدام، و السير قدما نحو ترسيخ قيم المواطنة لجميع أبناء هذا البلد الحبيب، و لا يتأتى ذلك إلا بتوفير الظروف الملائمة لهم للعطاء و الإبداع أكثر.