معلم استوعب الدرس

جريدة أرض بلادي- تونس

بقلم الكاتبة الأستاذة مسعودة القاسمي

صورة ليست من بلاد بعيدة … وليست بالقديمة … هي لحظة زمن التقطها إنسان اكيد شعر برهبة الموقف … أو ربما خجل من نفسه إن لم يكن صوتا مسموعا بعدسته وشاهدا على عصره …. اسمحوا لي سادتي أن أقدم الصورة ليس كما تناقلتها وسائل التواصل الإجتماعي كحدث عابر … يقال أن هذا المربي من اليمن الشقيق ، شدتني كثيرا ولازمت مخيلتي وألحت على قلمي الجريح أن يكتب ليس لإني أقاسمه نفس المهنة – وشرف كبير أن أكون من تلك الشريحة – إنما لإن ذاكرتي تحمل للمعلم كل الحب والتقدير والتبجيل … انظروا سادتي في عينيه إنه يقول لكم أحب عملي وأعشقه رغم وضعي البائس كما ترون أرجلي … إنه فاقنا إيمانا و إحتسابا في عصر الرقمنة والرفاهة التكنولوجية والتطور على جميع الأصعدة … يؤدي واجبا رياديا في ظروف رديئة تستدعي الشفقة نتيجة التناحر والتطاحن والحروب القذرة التي حطمت الإنسان والإنسانية … حالة من حالات كثيرة توجد في بلدانكم و أوطانكم تعيش معكم وبينكم تجاهد وتكابد لتنعبوا بإنسان الغد … يالها من رسالة كونية نبيلة عظيمة … إنه يدافع عن شرف مهنته ولو حافيا عاريا بالكد والجد لينقض ما تبقى أمامه من أطفال وطنه البائس … إنه يحيي نفوسا بما تبقى له عتاد سبورة مهترئة وقاعة مظلمة و أرجل حافية … وغيره ينعم بقاعات شاسعة مهيئة و مجهزة بأفضل ما وصلت إليه التكنولوجيا والبرمجيات … يقاوم الواقع المرير سلاحه قلم… يدفع أولئك الثمن غاليا حتى من أنفسهم وذاكرتهم.

استوعب ذاك المعلم درس الحروب جيدا و صمم على أن يكون النموذج الحقيقي في زمن الوحشية … وقدم للعالم بأسره أن أموال الدنيا لا تساوي شيئا أمام لحظة إمتلاك المعرفة… أنت سيدي المعلم خلقت ضفافا جديدة من المحبة الآلهية لما نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم «إقرأ» …أنت الجواد الذي انطلق رافعا راية العلم متحديا مستنقعات الجهل و التخلف والتبعية … أنت الذهب الأسود و الحجر الكريم الذي لا يقدر بثمن في عصرنا … أنت الثروة الحقيقية التي تصنع البشر و البشرية … أنت المعادلة الصعبة التي لا تحدث في التاريخ كثيرا … أنت حالة الوعي الصحية في مجتمع مات تحت وطأة المادة و المادية … أنت النور الذي بعثه فينا الرحمان لننهل من المحبة وترتب الغليان الذي يعترينا …أنت القربان الذي تحمل الرسالة الكونية …استوعب المعلم الدرس.. وأنتم؟؟؟؟