جريدة أرض بلادي – هيئة التحرير –
في زمن تحولت فيه معاناة البشر إلى سلعة مربحة، تبرز قصص صعود مثيرة للجدل. واحدة منها هي قصة شاب انطلق من قاع الفقر ليعتلي قمة الثراء، مستخدمًا شعار الإحسان وسلاح الكاميرا.
في البداية، ظهر كمنقذ للفقراء، يجوب الأحياء الهامشية بعدسته، ينقل صور المعاناة إلى العالم تحت شعار “فعل الخير”. كانت دموع البؤساء أمام الكاميرا تسيل معها تبرعات سخية من داخل البلاد وخارجها. وخلال فترة وجيزة، تحول الشاب من معدم لا يملك قوت يومه إلى ملياردير يملك العقارات والحسابات البنكية الضخمة.
ومع تغير الأوضاع، تغيرت أيضًا ملامح “الرسالة”. إذ انتقل الفاعل الخيري من تصوير الأحياء الفقيرة إلى مشروع جديد أكثر جذبًا للتبرعات: حفر الآبار. اقتنى معدات متطورة، واستمر في استقطاب الأموال مستغلاً شعارات براقة مثل “نشر الأمل” و”بناء المستقبل”. وكانت كل صورة لبئر محفور تعني حسابًا مصرفيًا أكثر انتفاخًا، وصورة إعلامية أكثر بريقًا.
غير أن القناع لم يصمد طويلاً. فبعد أن بلغ ذروة النجاح المالي والشهرة، أطلّ على جمهوره في خطاب صادم أعلن فيه إنهاء مشاريعه الإحسانية. مبررًا قراره بعدم قدرته على تحمل “مطاردة الفقراء” له بطلباتهم الملحة. ولم يكتفِ بذلك، بل دعاهم صراحة إلى الكف عن التواصل معه.
الصدمة كانت كبيرة. فكيف يتحول من رفع شعار نصرة الضعفاء إلى تجاهلهم بهذا البرود؟ كيف يبني مجده فوق مآسي الناس، ثم يدير لهم ظهره حين لا تعود قصصهم مربحة؟
هذه القصة تلخص درسًا قاسيًا: ليس كل من تحدث عن الخير كان صادقًا. ففي عالم تتشابك فيه المصالح بالنيات، كثيرًا ما تتحول المبادئ إلى أقنعة، يسقطها الزمن حين يشبع الطمع.
ويبقى السؤال مفتوحًا أمام الرأي العام: كم من “فاعل خير” مزعوم يعيش بيننا، ينتظر فقط أن تحين لحظة الكشف؟