أرض بلادي ـــ تحرير نصيرة بنيوال
هل شعرت يوما وكأنك عالق في تجربة لا تنتهي ؟ كل يوم تحمل إلينا الأخبار تحذيرا جديدا : “البلاستيك خطر!”، “ابتعد عن الخشب !”، “الزجاج أفضل… لكن احذر!”، و آخرها : “الطين هو الحل الأمثل”. ترى، إلى متى سنعيش في هذه الدوامة التي لا نهاية لها؟
يبدو أن المطبخ، الذي كان في يوم ما مساحة بسيطة لإعداد الطعام، قد تحول إلى مختبر تجارب. لكن السؤال الحقيقي: هل نحن نبالغ ؟ أم أن هناك أسبابا أعمق لهذا القلق المستمر ؟
العودة إلى البداية: هل كانوا على حق ؟
قبل آلاف السنين، لم تكن لدى الإنسان الأول رفاهية الاختيار بين أدوات المطبخ. استخدم الحجر والصوان ليقطع طعامه، وشرب من الينابيع دون التفكير في “بكتيريا الماء”. ومع ذلك، عاش حياة تبدو لنا الآن طبيعية وبسيطة.
ورغم افتقاده لمعرفة العلم الحديث، لم يكن مشغولا بقوائم “الممنوعات” التي تطاردنا اليوم. لم يكن يتساءل عن سلامة أدواته، بل اعتمد على ما توفره له الطبيعة ببساطة. أليس في ذلك حكمة نفقدها تدريجيا في عصرنا؟
موجات الاكتشافات : هل نضحك على أنفسنا؟
كم مرة تغيرت القواعد؟
البلاستيك؟ كان رمز الحداثة والمرونة، حتى اكتشفنا أنه قد يكون ساما.
السيليكون؟ الحل السحري الجديد، لكن أصوات التحذير بدأت تتعالى.
الخشب؟ طبيعي وصحي، إلى أن أُخبرنا أن البكتيريا تعشقه أكثر منا.
حتى الدهون الحيوانية، التي كانت يوما العدو الأول للصحة، عادت الآن لتصبح “الأفضل”. كل موجة جديدة تبدو كأنها الحقيقة النهائية، لكنها غالبا ما تكون مجرد فصل في قصة لا تنتهي.
ما الذي يحدث فعلا؟
المشكلة ليست في العلم بحد ذاته، بل في الطريقة التي يتم بها تسويق هذه “الاكتشافات”. يطرح كل منتج جديد كأنه الحل النهائي، ليحل محل منتج آخر كان يومًا ما في القمة. وفي كل مرة، ندفع ثمن هذا التحول من جيوبنا، وأحيانا من صحتنا.
هل نحن ضحايا للقلق المفرط؟ ربما. الواقع أن كل مادة لها مميزاتها وعيوبها. السيليكون مرن وآمن نسبيًا، لكنه ليس مثاليًا. الخشب طبيعي، لكنه يحتاج إلى عناية خاصة. الزجاج صحي، لكنه هش ويحتاج إلى حذر.
البساطة هي السر
بدلا من مطاردة كل موجة جديدة، ربما يجب أن نتوقف لحظة و نسأل أنفسنا: هل نحتاج حقا إلى هذه التغييرات المستمرة؟ قد تكون الإجابة في العودة إلى البساطة.
الخشب ليس سيئا إذا اعتنيت به ونظفته جيدا…
الزجاج مثالي، لكنه يحتاج إلى استخدام حذر…
السيليكون خيار عملي، لكنه ليس دائما الحل الأمثل..
السر ليس في نوع المادة، بل في أسلوب استخدامها…
رسالة للمستقبل
تخيل نفسك بعد خمسين عاما تقرأ مقالا بعنوان: “تحذير! أدوات الطين تطلق غبارا ساما”. ستبتسم حينها وتتذكر كل هذه الموجات المتلاحقة من التحذيرات و الاكتشافات.
الحقيقة أن صحتنا لا تعتمد فقط على أدوات المطبخ، بل على أسلوب حياتنا ككل. التوازن والبساطة هما الحل. اختر ما يناسبك، اعتنِ بما تملك، وتوقف عن القلق المفرط.
هل نعود للصوان يوما ؟ ربما.😉😉.. لكننا بالتأكيد سنعيش حياة أكثر هدوءا و طمأنينة.