مهرجان البحر في آسفي: احتفالات فخمة في ظل تناقضات اجتماعية صارخة

جريدة أرض بلادي -عثمان البلدي

في الوقت الذي تستعد فيه مدينة آسفي لاستقبال النسخة الرابعة من “فيستيفال البحر”، يظهر على السطح نقاش قديم-جديد حول الفجوة الكبيرة بين الاحتفالات الفخمة التي تجذب السياح والواقع الاجتماعي والاقتصادي الصعب الذي يعيشه الكثير من سكان المدينة. على الرغم من أن المهرجان يُعد فرصة للترويج لآسفي كوجهة سياحية، إلا أن هناك تناقضات صارخة لا يمكن تجاهلها، تتعلق بانتشار التهريب البحري والفساد المستشري، ما يثير تساؤلات حول الأولويات الحقيقية لهذه الفعاليات.

**التناقضات الاجتماعية: “آش خاصك العريان؟”**

تتجلى التناقضات بوضوح في السؤال الساخر الذي يتردد على ألسنة البعض: “آش خاصك العريان؟ مهرجان البحر أ مولاي”. هذه العبارة تعبر عن حالة من الاستياء الشعبي تجاه الفجوة بين الاهتمام بالمهرجانات والفعاليات السياحية، وبين الاحتياجات الأساسية للسكان. فالمدينة التي تعتمد بشكل كبير على الصيد البحري، تعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة، حيث يكافح العديد من الصيادين والعمال لتأمين لقمة العيش، بينما تُصرف أموال طائلة على تنظيم مهرجانات لا تُعنى بشكل مباشر بتحسين أوضاعهم.

**مافيا التهريب والفساد: “كلشي ولى بالعلالي”**

يشهد الساحل المغربي، وخاصة في آسفي، نشاطًا ملحوظًا لمافيا التهريب البحري، التي تستغل الثغرات الأمنية وضعف الرقابة لتحقيق أرباح طائلة على حساب الاقتصاد الوطني وسلامة المجتمع. في السنوات الأخيرة، تم ضبط عدة محاولات لتهريب كميات كبيرة من المخدرات عبر البحر، ما يثير تساؤلات حول مدى التواطؤ أو على الأقل التساهل من قبل بعض الجهات المسؤولة.

“كلشي ولى بالعلالي”، عبارة تعكس الواقع المرير الذي تعيشه المدينة، حيث أصبحت الأنشطة غير القانونية تُمارس بشكل شبه علني، دون خوف من العقاب. هذه الظاهرة تستدعي تحقيقًا جادًا في دور السلطات المحلية والإقليمية في محاربة الفساد والتهريب، وكيفية السماح لهذه الأنشطة بالاستمرار على الرغم من المخاطر الكبيرة التي تمثلها.

**المهرجان بين الترويج والتهميش:**

بينما يعتبر البعض أن مهرجان البحر يمثل فرصة ذهبية للترويج لآسفي كوجهة سياحية، يرى آخرون أنه يعمق الفجوة بين الأثرياء والفقراء في المدينة. فهل يُعقل أن تُنفق الأموال على احتفالات فخمة في وقت يعاني فيه العديد من السكان من البطالة والفقر؟

أضف إلى ذلك، أن هناك تساؤلات حول مصادر تمويل هذه المهرجانات والشركات الراعية لها. فهل هذه الجهات نظيفة من الشبهات؟ وهل تسعى فعلاً لدعم التنمية المحلية، أم أنها تسعى فقط لتحقيق مصالحها الخاصة؟

**شهادات من أرض الواقع:**

في حديث مع بعض السكان المحليين، يقول أحد البحارة: “نحن نعاني في صمت، لا أحد يهتم بنا. بينما يفرح الآخرون بالمهرجانات، نحن نحارب الأمواج لكسب لقمة العيش.”

شهادة أخرى من أحد شباب المدينة تعكس الإحباط ذاته: “المهرجان جميل، لكنه لا يعني لنا الكثير. نريد فرص عمل، نريد مدارس ومستشفيات، نريد أن نشعر أن هناك من يهتم بنا.”

**خاتمة:**

بين الاحتفال بالبحر والتغاضي عن الأنشطة المشبوهة، تظل مدينة آسفي عالقة بين تناقضاتها. هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في الأولويات، لضمان أن تكون التنمية شاملة وعادلة للجميع، وليس فقط للذين يستطيعون الاستفادة من المهرجانات والفعاليات الفاخرة. على السلطات المحلية والإقليمية أن تتحمل مسؤولياتها في محاربة الفساد والتهريب، والعمل على تحسين ظروف المعيشة للفئات الأكثر تهميشًا.