مياه المحيط الأطلسي: شريان الحياة للمغرب في ظل الجفاف

جريدة أرض بلادي – اسماء بومليحة

في قرية سيدي بوشتة المغربية، التي يعتمد سكانها على صيد السمك، لم يكن متوقعًا أن يرووا عطشهم ذات يوم بمياه المحيط الأطلسي المُحلاة. لكن مع استمرار الجفاف المزمن، أصبحت محطات التحلية المتنقلة ضرورة ملحة لتوفير المياه الصالحة للشرب.

 

على شاطئ رأس بدوزة القريب من القرية، أقيمت محطة تحلية متنقلة صغيرة تعمل على تنقية مياه البحر وتوزيعها على 45 ألف شخص في القرى المجاورة.

 

اعتمدت السلطات هذه المحطات المتنقلة لمواجهة أزمة المياه الحادة الناجمة عن سنوات الجفاف المتتالية. لم يعد سد المسيرة، الذي يقع على بعد 220 كيلومترًا من آسفي، قادرًا على تلبية احتياجات المنطقة من المياه الصالحة للشرب، شأنه شأن جميع سدود المغرب التي لا يتجاوز مخزونها الحالي 28%.

 

جهزت السلطات المغربية 44 محطة تحلية متنقلة حتى أبريل 2023، وما تزال 219 محطة أخرى قيد التجهيز لتلبية احتياجات حوالي 3 ملايين شخص في المناطق الريفية.

 

تنتج هذه المحطات ما بين 360 و3600 متر مكعب من المياه يوميًا، ما يجعلها “الحل الأمثل لسهولة تركيبها ونقلها”، حسب تصريح ياسين الملياري، مدير الوكالة المحلية لتوزيع الماء والكهرباء. كما أن تكلفتها منخفضة نسبيًا، حيث تبلغ حوالي 1.3 مليون دولار في المتوسط للوحدة.

 

تُضخ مياه البحر من الشاطئ وتُعالج لإزالة الشوائب وإضافة المعادن الضرورية، ثم تُنقل في صهاريج لتُوزع على القرى المحتاجة “يوميًا بالمجان في مجال يصل إلى 180 كيلومترًا”.

 

يقول خير حسن (74 عامًا)، وهو صياد متقاعد في سيدي بوشتة، أن المياه الجوفية التي اعتمد عليها السكان سابقًا قد نضبت مؤخرًا. ويضيف كريم (27 عامًا)، وهو صياد سمك أيضًا: “لم نتخيل أبدًا أن نلجأ إلى مياه البحر للشرب”.

 

يعاني بعض سكان القرى الأخرى البعيدة وضعًا أكثر صعوبة، حيث تُنقل المياه إليهم بكميات محدودة أو لا تُنقل على الإطلاق.

 

ومن المتوقع أن يستمر الجفاف في المغرب حتى عام 2050، حيث تُشير التوقعات إلى انخفاض الأمطار وارتفاع درجات الحرارة. ويعتمد المغرب على مياه البحر أيضًا لإنقاذ قطاع الزراعة الذي خصص له عام 2023 حوالي 25% من المياه المحلاة.

 

ويستهلك قطاع الزراعة أكثر من 80% من موارد المغرب المائية، ويوظف ثلث اليد العاملة النشطة.

 

لكن الأولوية تُعطى لتوفير مياه الشرب، خاصة في المدن التي تواجه خطر العطش. ولجأت مدينة آسفي، التي انقطع ربطها بسد المسيرة، إلى محطة تحلية تابعة للمكتب الشريف للفوسفات.

 

تعمل السلطات على بناء محطات تحلية جديدة لتلبية الطلب المتزايد على المياه الصالحة للشرب، بما في ذلك محطة في مدينة الدار البيضاء ومحطة أخرى في الرباط. وتم بالفعل البدء في بناء 6 محطات جديدة، ومن المقرر بناء 8 محطات أخرى.

 

ومع أن بعض سكان سيدي بوشتة يجدون أن مياه البحر المُحلاة أقل عذوبة من مياه الينابيع، إلا أن التغيرات المناخية المتطرفة تجعل تحلية مياه البحر خيارًا استراتيجيًا للمغرب. ويهدف المغرب إلى الاعتماد على مياه البحر لتوفير أكثر من 1.7 مليار متر مكعب سنويًا وتغطية أكثر من نصف احتياجاته من المياه الصالحة للشرب وسقي مساحات زراعية واسعة في أفق عام 2030.