جريدة أرض بلادي – اسماء بومليحة –
في قلب الحياة الثقافية والفكرية في مصر، ظهرت مي زيادة كأيقونة لا تضاهى في عالم الأدب والفكر. هذه المرأة التي جذبت بذكائها وفتنتها الأدبية كبار الشخصيات الأدبية والسياسية في عصرها، لم تكن مجرد كاتبة بارعة، بل كانت امرأة تفيض علماً وثقافة، حيث كانت تتقن تسع لغات بطلاقة (العربية، الفرنسية، الإنجليزية، الألمانية، الإيطالية، الإسبانية، اللاتينية، اليونانية، والسريانية).
كانت مي زيادة محور اهتمام الكثيرين، بدءاً من حافظ إبراهيم وعبد العزيز فهمي وإسماعيل صبري، مروراً بأمير الشعراء أحمد شوقي وشيخ الأزهر مصطفى عبد الرازق، وصولاً إلى الأديب عباس محمود العقاد الذي لم يخفي غيرته عليها، خصوصاً من علاقتها بالشاعر جبران خليل جبران. تلك العلاقة التي ازدهرت عبر الرسائل المتبادلة بينهما، دون أن يتقابلا يوماً، شكّلت جزءًا مهمًا من حياتها، وأشعلت غيرة العقاد الذي كانت تستلذ بإثارتها، مما زاد من تعقيد هذه العلاقة الأدبية والعاطفية.
بعد وفاة جبران، أصيبت مي بصدمة نفسية كبيرة، حيث بدأت حالتها الصحية والنفسية في التدهور، مما أدى إلى فقدانها لممتلكاتها وانتهى بها المطاف في مصحة نفسية، حيث عاشت وحيدة حتى وفاتها. وعلى الرغم من أن حياتها كانت مليئة بالشهرة والمحبة من قبل أعظم العقول في عصرها، إلا أن جنازتها كانت هادئة، حضرها عدد قليل من الناس، دون وجود أولئك الذين تغنوا بجمال روحها وذكائها.
**صورة مي زيادة داخل منزلها عام 1933م.**