جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

احتضنت قاعة الندوات بمؤسسة جون جوريس بمدينة الدروة، مساء يوم الاثنين 24 نونبر 2025، ندوة فكرية مميزة بعنوان:
“الحكم الذاتي… تتويج لمسار بدأ مع الاستقلال”، قدّمها الكاتب والمؤرخ البارز الصديق معنينو، بحضور تلاميذ المؤسسة وأطرها التربوية والإدارية، إلى جانب ممثلي عدد من وسائل الإعلام.
وتندرج هذه الندوة ضمن البرنامج الثقافي والتربوي للمؤسسة، الهادف إلى تعزيز الوعي الوطني وترسيخ قيم المواطنة لدى الناشئة، في ظل ما تحققه المملكة من انتصارات دبلوماسية وسياسية متتالية على الصعيد الدولي، وما يصاحب ذلك من تخليد لمحطات وطنية كبرى تؤكد الثوابت الوطنية ومسار استكمال الوحدة الترابية.
وخلال هذا اللقاء، قدّم الأستاذ الصديق معنينو قراءة تاريخية معمقة في مسار مشروع الحكم الذاتي، مبرزًا أنه ثمرة رؤية استراتيجية انطلقت منذ السنوات الأولى للاستقلال، وأن المغرب ظل ثابتًا في مقاربته لقضاياه الوطنية عبر اختيارات دبلوماسية ذكية واستشرافية.
كما تقاسم مع التلاميذ مجموعة من كواليس المسيرة الخضراء التي واكبها عن قرب، مستعرضًا شهادات حيّة من أبرزها مشاركة نساء مغربيات قدن الصفوف الأولى للمسيرة رغم وجود الأسلاك الشائكة، وهو ما اعتبره “رمزًا لقوة المرأة المغربية ونضالها الثابت من أجل الوطن”. ووجّه معنينو رسالة خاصة للعنصر النسوي، مؤكدًا أنه كان وسيظل في صلب التحولات الكبرى التي عرفتها المملكة.

وتوقف المؤرخ عند الفارق الكبير بين وتيرة التنمية بالأقاليم الجنوبية في الماضي وما أصبحت عليه اليوم، مشيرًا إلى أنه خلال زيارته الأخيرة للداخلة والعيون بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، فوجئ بحجم التغييرات العميقة التي تعرفها المنطقة، وبطبيعة الأوراش الاقتصادية الضخمة، وفي مقدمتها ميناء الداخلة الأطلسي الذي سيحوّل الجنوب المغربي إلى بوابة تجارية قارية.
وأكد معنينو أن المغرب اليوم هو مغرب الإنجازات الكبرى، ومغرب تنظيم الأحداث العالمية مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، مشددًا على أن هذه الدينامية تشكل “مسيرة جديدة للوطن”، بعد أن أدت المسيرة الخضراء دورها التاريخي في تحرير الأرض، لتأتي مسيرة البناء والإنجاز التي يشارك فيها الجميع.

وأضاف أن المملكة لم تعد تكتفي بإنجاز البنيات التحتية، بل تعمل على بناء الإنسان المغربي من خلال الدينامية الإصلاحية التي يشهدها قطاع التعليم، بما يسهم في تكوين أجيال قادرة على قيادة مستقبل البلاد.
من جانبه، عبّر السيد إبراهيم النعناعي، الرئيس المدير العام لمؤسسات جون جوريس، عن اعتزازه بنجاح هذا اللقاء، مؤكدًا أن المؤسسة تعتمد رؤية تربوية منفتحة تهدف إلى ربط التلاميذ بتاريخ وطنهم وقضاياه الراهنة، وتعزيز حسّ المسؤولية لديهم تجاه المستقبل. وقال في تصريحه:

“نحرص على أن يتعرّف تلاميذنا على تاريخ المغرب وحاضره، وأن ينخرطوا في مسار بناء المستقبل. مثل هذه المبادرات مع شخصيات وازنة كالأستاذ معنينو تمنح أبناءنا فرصة فريدة لفهم القضايا الوطنية من مصادرها الأصيلة، وتفتح أمامهم آفاق التفكير والمسؤولية.”
وقد تميّزت الندوة بنقاشات تفاعلية بين التلاميذ والمؤرخ الصديق معنينو، طرحوا خلالها أسئلة تتعلق بملف الصحراء المغربية، ودور الشباب في دعم الوحدة الترابية، وكيفية توظيف الطاقات الجديدة في خدمة النموذج التنموي.

واختُتم اللقاء في أجواء تربوية راقية، أكدت نجاح مؤسسة جون جوريس في تعزيز الانفتاح الثقافي وترسيخ الهوية الوطنية، وربط المدرسة بقضايا المجتمع، وتكريس قيم الانتماء والمسؤولية لدى الأجيال الصاعدة.
