بقلم : عبد اللطيف بوهلال
انتهى موسم الحج وانتهت معه معاناة الاف الحجيج ممن افترشوا الأرض او ممن تعرضوا للنصب والحديث في هذا الشق تلزمه صفحات وصفحات ، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر الدور تائها في أزقة مكة وشعاب منى وعرفات ومزدلفة
في انتظار تحريك دعوى عمومية للوقوف على حيثيات وملابسات هذه الاختلالات التي عرفها حج هذا العام هل لأسباب مغربية أو سعودية دون الغوص في أشياء نحن نعلم حقيقتها كمهنيين في قطاع السياحة الدينية فكل شيء واضح وجلي لكن حجبناه بغربال الكذب والزيف
أعود أدراجي الى ما أريد قصه لكن القلم كاللسان يريد أن يجرني لأخط زلة هي في الأصل حقيقة ستوضح أسباب معاناة الحجاج المغاربة بالأساس الى جانب حجاج بعض البلدان الأخرى فأجد نفسي ملزما على تغيير قلمي واستبداله بقلم يطاوع ما أود الإشارة له
وأنا أشرف على مجموعة مكونة من الحجاج المغاربة عانيت من تعقيدات ميدانية ترجع بالأساس الى (لن أبوح وليس خوفا) وصلت الى مطار جدة صالة الحجاج بالضبط وبعد الامتثال للضوابط التنظيمية التي يخضع لها الحجاج من مختلف أجناسهم من طرف مسؤولي المطار توجهت الي حاجة تنتمي الى مجموعتي وأخبرتني أن جواز سفرها قد ضاع منها في ظروف غامضة للزمان والمكان ( برد لي الماء فالركابي) لأني أعرف قسوة الإجراءات الإدارية في هذا الصدد والمدة الطويلة التي سيتطلبها اصدار تصريح المرور كوني سبق لي وأن عشت نفس التجربة سنتي 2014 و 2017 خصوصا وأن موعد الطائرة لم يتبقى عليه سوى ساعتين أو أزيد بقليل ، طرقت جميع الأبواب بذات المطار دون جدوى الى أن خطرت ببالي فكرة ربط الاتصال بشكل مباشر بالسيد القنصل العام للمملكة المغربية بجدة ، أذكر جيدا أنه خلال الرنة الثانية أجابني بنبرة إدارية حادة:
_ السلام عليكم من معي
_فضلا هل هذا رقم السيد القنصل
_نعم تفضل ، من معي
_ معك السيد فلان من وكالة كذا وكذا أود أن أخبرك سيدي القنصل أن هناك حاجة مغربية تحت وصيتي أضاعت جواز سفرها ونحن الان بالمطار نستعد للعودة للمغرب ونطلب منكم المساعدة بصفتكم الجهة الوصية علينا ونحن خارج ترابنا الوطني
وبعد حوار قصير كان المفاد منه معرفة كل حيثيات هذا الضياع وظروفه، طلب مني السيد القنصل امداده بنسخة من تأشيرتها وكذا نسخة من بطاقة تعريفها الوطنية وأن اخد لها صورة للوجه على أساس ارسال الكل عبر تقنية الوتساب، بمجرد ارسالي لكل ما تم طلبه تلقيت اتصالا هاتفيا أخبرني من خلاله السيد القنصل أنهم في صدد انجاز وثيقة عبور تقوم مقام جواز السفر الضائع وكان هذا الاتصال بالنسبة لي كشفا لغموض ساورني طيلة حواري معه فطلبت منه هل باستطاعتي طرح سؤال عليك سيدي الفاضل ، وبصدر رحب قال لي تفضل بل وقبل أن يكمل ترحابه بالسؤال قلت له :
_سيدي الفاضل هل حقا أنت هو القنصل أم أنك موظف بالقنصلية ؟
أجابني نعم أنا القنصل وما الغريب في ذلك ، كررها بصيغة أخرى وردد قائلا أنا اليوم قنصل وغدا مواطن وموقعي هذا يفرض علي تقديم المساعدة لأي مواطن مغربي
_ قلت له : نعم القنصل أنت ، سعادة القنصل أنت تمثل صاحب الجلالة أحسن تمثيل واني فعلا مستغرب أشد الاستغراب من تواضعك وتفانيك في العمل
_قبل أن أكمل ثنائي عليه أخبرني أنه خلال 45 دقيقة سأتوصل بالوثائق اللازمة للسفر الخاصة بالحاجة التي فقدت جواز سفرها
حقيقة راودني الشك رغم حواري معه لأني أعرف حق المعرفة الإدارات المغربية وعانيت ما مرة من عذابها ومحسوبيتها وزبونيتها لكن وقبل أن تكتمل المدة التي أخبرني بها فاذا بشخص بملامح أرهقتها سرعة السيارة وحرارة الجو يسلم علي ويمدني بما يلزم من تصاريح للسفر ويطلب من العفو عن التأخير أو التقصير
في ذهول تام لم أتمكن حتى من تقديم الشكر له بعد أن رسم ابتسامة حياة لحاجة ينتظرها عالم صغير من أحبتها بمغربنا الحبيب
حقيقة مثل هذه الأحداث يجب الإشارة اليها وتعميمها على الكل وهذا النوع من المسؤولين هم من يحتاج المغرب هؤلاء الشرفاء هم من يزيلون الغبار على وطنية كل مواطن يائس من الإدارة المغربية ، هؤلاء الشرفاء هم من ينبغي تكريمهم واسناد المهمات الكبرى لهم ، هؤلاء الشرفاء يمثلونك صاحب الجلالة أحسن تمثيل
شكرا لك السيد: عبد الاله أودادس القنصل العام للمملكة المغربية بجدة