وفاة حميد أمزكداو.. رمز العطاء في الحقل الديني بإقليم الناظور

جريدة أرض بلادي – فاطمة الزهراء الحجامي-

نعى المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور الفقيه حميد أمزكداو، أحد أبرز العاملين في الحقل الديني بالإقليم، والذي وافته المنية عصر يوم السبت 13 جمادى الأولى 1446هـ، الموافق 16 نونبر 2024م، بعد معاناة مع مرض لم يمهله طويلاً. لقد شكّل الفقيد نموذجًا للعالم المخلص الذي جمع بين الإمامة والخطابة والتدريس والتوجيه الديني على مدى عقود.

 

مسيرة علمية حافلة

 

وُلد الراحل سنة 1962م بقرية تروكوت، التابعة لقبيلة تمسمان في إقليم الدريوش حاليًا (الناظور سابقًا). بدأ مشواره العلمي في الكتاتيب القرآنية بتمسمان، المعروفة بمدارسها العلمية العريقة، وتلقى تعليمه في معهد بني يعقوب التاريخي، الذي ساهم في تكوين العلماء وحفظة القرآن الكريم. هناك، تعمق في العلوم الشرعية واللغوية وحفظ القرآن والمتون العلمية.

 

واصل دراسته في ثانوية محمد الخامس للتعليم الأصيل بالناظور، حيث حصل على شهادة الباكالوريا. ثم انتقل إلى كلية الشريعة بفاس، وحصل على الإجازة العليا عام 1994م، ليبدأ رحلة البحث عن دور فعّال في خدمة الدين والمجتمع.

 

عطاء في ميادين الإمامة والتعليم

 

بعد أن واجه صعوبات في إيجاد وظيفة مستقرة، اختار الراحل مجال الإمامة والخطابة، متنقلاً بين مساجد الإقليم. وفي عام 2011م، انضم إلى معهد الإمام مالك للتعليم العتيق بالناظور كأستاذ للعلوم الشرعية، حيث ظل يزاوج بين التدريس والإرشاد والإمامة حتى وفاته. كان دائمًا حريصًا على ترسيخ القيم الدينية والعلمية لدى طلابه، ولم يكن مجرد معلم، بل كان أبًا ومربيًا يحتضن طلبته ويوجههم بروح الأبوة.

 

شخصية إنسانية استثنائية

 

اتسم الفقيد بخصال حميدة أبرزها التواضع، حسن الخلق، وبشاشة الوجه. كان مربيًا فاضلًا يُحسن الإصغاء، ويختار كلماته بعناية، كما كان حريصًا على أداء مهامه بصمت وتفانٍ. ظل طيب المعشر محبوبًا بين زملائه وطلابه، وكان يسعى دائمًا لفعل الخير رغم ضيق ذات اليد.

 

لحظة وداع

 

قبل أيام من وفاته، تغيّب الفقيد عن عمله بشكل مفاجئ بسبب مرض استدعى إجراء عملية جراحية. وبينما كان الجميع ينتظر عودته، جاء خبر وفاته المفجع ليترك فراغًا كبيرًا في قلوب محبيه وأسرته وكل من عرفه.

 

تكريم واعتراف

 

إن المجلس العلمي المحلي للناظور إذ ينعى الفقيد، يؤكد أن ذكراه ستبقى خالدة بما قدّمه من عطاء ديني وتعليمي وإنساني. نسأل الله أن يتغمده برحمته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

 

“إنا لله وإنا إليه راجعون.”