جريدة أرض بلادي-عابدين الرزكي-
استرجاع الذاكرة مع سيداحمد مسعود يقول:
كان الجو مشمسا صباح ذالك اليوم من سنة1969حيث اعتاد شباب حي السلسلة لعب كرة القدم ، فجأة لاحت لهم سيارة سوداء نزل منها رجل ببدلة انيقة ووقف غير بعيد يتابع مجريات المباراة ، مرت لحظات وغادر المكان دون ان يابه به احد، فقد كان هؤلاء الشباب منشغلين بمداعبة المستديرة التي كانت شغلهم الشاعل وعشقهم الابدي.
مرت ايام قليلة بعدها وفوجىء الجميع بجرافات واليات تحط بالمكان وشرع عدد من العمال باشغال الحفر ونقل الاتربة مما خلف استياء وغضب الشباب الذين تاسفوا للعبث الي طال هذا الفضاء . عاد الرجل بسيارته لتفقد المكان برفقة عدة اشخاص ، وتجرا احد هؤلاء الشباب لاستفساره عن مايحدث، وكان جوابه
“لا تقلقوا، لقد قررنا بناء ملعب كبير لكرة القدم ” . لم يكن هذا الرجل الذي زف لهم الخبر السار سوى عامل الإقليم انذاك مصطفى طارق رحمه الله.
يتذكر عبد الشكور الظمين احد ابرز نجوم فريق النهضة الصحراوية انذاك تفاصيل ذالك اليوم جيدا ، وكان فعلا يوما تاريخيا لجيل من اللاعبين الشباب الذين شكل لهم هذا الملعب متنفسا لتفجير ابداعاتهم وومواهبهم .
منذ تعيينه عاملا على اقليم الطنطان بداية سنة1967 قادما من مدينة اكادير حيث كان يشغل عميدا إقليميا للامن ؛ عمل مصطفى طارق على احداث نوع من الانفراج والتخفيف من حدة التوتر بين السلطة المركزية والساكنة التي كانت تحت حكم ظباط عسكريين منذ مطلع ستينيات القرن الماضي. وفي هذا الإطار بادر الى تأسيس فريق يمثل الإقليم تمت تسميته بالنهضة الصحراوية لكرة القدم سنة1969 ، وكان من الضروري بناء ملعب يحتضن المباريات.
يحتوي الملعب على ميدان ترابي واسع وخصص جانبه الغربي لمدرجات الجماهير تفصل بينهما منصة شرفية للوفود الرسمية ، تحيط بجناته اشجار الاوكاليبتوس في نظام بديع . ويعتبر مدخل الملعب الشمالي اهم مايميزه ، اذ يطل على ساحة الكامبو التاريخية التي تعد ذاكرة حقيقية لاهل الطنطان.
افتتح الملعب سنة1970 بإجراء مباراة جمعت فريق النهضة الصحراوية وفريق الجيش الذي كان يحسب له الف حساب وكان يجري مبارياته بالملعب العسكري( دوار العسكر حاليا) ، وكانت مباراة كبيرة لدرجة ان المدرجات لم تسع مشجمعا اضافيا ، وما ميز هذه المباراة والمباريات التي لعبها الفريق حضور وازن للنسوة
اللاتي كن يشجعن الفريق ولايترددن في اطلاق الزغاريد كلما سجل الفريق هدفا.
ومنذ انضمام فريق النهضة الصحراوية لعصبة سوس سنة1972,احتضن الملعب مباريات البطولة ولعب مباريات لاتنسى مع فرق قوية ومهابة الجانب من اكادير وتيزنيت وسيدي ايفني واستطاع كتابة اكثر الصفحات اشراقا في تاريخه رغم الاكراهات وقلة الامكانيات.
استمر هذا الملعب في احتضان الانشطة الرياضية لحوالي عقد من الزمن، فبحلول سنة 1979 تقرر فجأة ازالته واصبح اثرا بعد عين وتحويله الى محطة ومتاجر خنقت المكان و حولته الى كتل اسمنتية باردة، وكانت هذه الخطوة هي الاصعب ليس في تاريخ الرياضة فحسب، بل وفي تاريخ المدينة التي تم طمس احد ابرز معالمها والذي يمثل ذاكرة لاتنسى . وبقيت المدرجات لسنوات بعد ذالك تقف بشموخ شاهدة على مجد مفقود ، وكان عزاء الساكنة ان تم استغلال المستودعات كمقر صغير لادارة البريد ظل مدة طويلة يقدم خدماته للساكنة كاستمرارية لعطاء ودور هذا الملعب .
ملحوظة: المقال مرفق بصور من ارشيف تاريخ الطنطان الرياضي لها ارتباط بالملعب المعروف بالسلسة او ملعب الكامبو كما يحلو للبعض تسميته، سنعمل ان شاء الله على تسليط الضوء عليها في حلقة قادمة نظرا لاهميتها في حفظ وصون الذاكرة.