الحسين أيوسف
الإنجاز البطولي للنخبة الوطنية في الملحمة الكروية بمنديال قطر 2022
ستبقى خالدة في الأدهان، وستذكرها الأجيال القادمة، كيف لا والمنتخب
المغربي تخطى أكبر المنتخبات العالمية ذات التاريخ الكروي العتيد، مبرهنة
للعالم أنه ليس هناك المستحيل، بل هناك الروح التنافسية والندية دون أي
مركب نقص. وتبين بالملموس أن هذا المنتخب الوطني مسلح بعزيمة الرجال
وبدعاء الصالحين ورضى الوالدين ودعم الشعب، ومآزرة الأشقاء. فكانت قطر
بهية زهية بعرسها الكروي الذي لا مثيل له.
هذا العرس القطري البهيج الذي حجت إليه ضيوف العالم، وتخللته طقوس
وثقافات العالم، وكانت أبرزها القيم والثقافة العربية الإسلامية، وطقوس
تمغربيت المتميزة بجمهور متميز وقوي كان سفيرا فوق العادة، ومنتخب أقوى
أعطى للمونديال نكهة متميزة غيرت كل المفاهيم. فتلألأت الأنوارفي سماء قطر،
وكان أسطعها نور النجمة الخضراء التي رفرفت في الأعالي بإنجاز منتخب
الأسود الذي نوه به العالم بما فيهم ممثلوا الفرق التي أقصيناها رياضيا، إلا
الذين على أعينهم غشاوة وأصموا آذانهم. ولم يستصيغوا فرحة الجماهير
العربية والإفريقية، وفرحتنا العارمة بعشق قلوب الملايير (مسلمين وأفارقة
وعرب وحتى العجم).
إنها فرحة جماعية بإنجاز عربي بامتياز لكون مونديال قطر 2022 الأجمل
عالميا، وقطر هي الأجمل عالميا، وأداء منتخب المغرب الأجمل عالميا،
والجمهور المغربي الأجمل عالميا. والجمهور العربي هو الأجمل والأبهى
عالميا.
كيف لا نفرح لمجد كروي صنعه أبناء المغرب، نعم إنه المغرب الساكن في
وجدانهم أينما حلوا وارتحلوا. كيف لا نفرح لفرحة صنعها المنتخب الوطني
المغربي، فأصبحت فرحة مشاعة بين إفريقيا والعالم العربي والعالم الإسلامي.
وبمعنى آخر، الفرحة المغربية أصبحت الآن عالمية وعابرة للقارات. شدت إليها
أنظار العالم وأبهرته، ليس كرويا فقط بل وقيميا، حين تشاركنا الفرحة مع
أمهاتنا وأشقائنا، فكشفنا للعالم عن هويتنا. فهنيئا للفارحين ولا عزاء
للعابسين الذين وضعوا نفسهم في عزلة عالمية عابرة للقارات. فيا أعداء الفرح
ابتسموا وكفاكم تجهما.
كيف لا نفرح وفلسطين كانت حاضرة في المونديال بأعلامها المحمولة على
الأكتاف، وشاركنا الفرحة شعب الجبارين رغم الحصار، ودوت سماء غزة
والجليل بالزغاريد، والفرحة الفلسطينية بالانتصار المغربي كانت عارمة
وتلقائية، فيها الأخوة، وفيها المحبة، وفيها النبل الأخلاقي، وفيها العمق
الإنساني… فرحة بمثابة منظار كشف عورة تجار القضية الفلسطينية. ومزوري
التاريخ الذين أضحوا أضحوكة بين الأمم وهم في غفلة من أمرهم.
تجار السياسة ومزوري الحقيقة بحت أبواقهم، ولم تعد مسموعة، وتحولت
تحليلاتهم الرياضية إلى تحريمات فرحية، وأضحت مجرد أقوال من قبيل اللغو
الساقط المهمل الذى لا وزن له ولا قيمة له ولا طعم له، تنبعث رائحته النتنة
التي تزكم الأنوف من أفواه محللين لا رياضيين لا يبصرون. يحاولون حجب
نور الأمل، لكن النور العظيم لا يطفأ بنفخ الفم، خاصة إن كان ذاك الفم مزود
بطقم أسنان بلاستيكية، وكلما زاد النفخ انزلق طقم الأسنان وطار في الهواء،
وانفضح صاحبه، وأضحى عرضة للسخرية.
أما انجاز المنتخب المغربي العضيم، فهو نور عظيم سطع فوق العالم العربي
والإفريقي، وليس مجرد قبس شمعة تنطفئ بنفخة فم نخره السوس. وهذا حال
إعلام الكابرانات الذين حاولوا تبخيس أداء منتخبنا الوطني الذي تألق وأبدع
على أرض قطر المباركة، وسطع نجمه في سمائها.
أيها الحاقدون، استفيقوا من غفلتكم وبلادتكم، ولا تحافظوا على مشاعرنا، لأننا
اعتدنا ذلك منكم، لكن راعوا مشاعر كل العرب والأفارقة، راعوا لمشاعر هذه
الجماهير العالمية المنتشية فرحا بهذا الإنجاز الرياضي. ولا تكونوا من أعداء
الفرح لأن من لا يناصر الفرحة الجماعية فهو عدو لها. فالأفراح مازالت
مستمرة مهما كان ومهما حصل، وإن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، وإن
ما وصلت إليه الكرة المغربية ليس صدفة بل هي سياسات وتدابير
واستراتيجيات انتهجت في سياقات دولية مغايرة ومتغيرة، ومن اليوم لا أحد
ينازع أو يستطيع أن ينزع عن الكرة المغربية تربعها على عرشها، خاصة من
المشككين والحاقدين وزارعي ألغام الهوية و الذاكرة. فمن شاء فليبتهج معنا
ولنا، ومن اختار المعانات النفسية فلنفسه وعليها.
انتصرنا ودخل أسود الأطلس التاريخ الكروي من بابه الواسع. إنهم الآن من
الأربعة الكبار. لقد رفعوا راية المغرب عاليا واسعدوا الملايين وادخلوا البهجة
والسرور إلى كل بيت مغربي وعربي، افرحوا الأطفال والنساء والشيوخ،
أفرحوا الملوك والأمراء والرأساء. إنه الانتصار الديبلوماسي الموازي الناعم.
فيا إعلام نظام العسكر وـ أبواقه وجميع المُبرْدَعين ـ إنا هنا نحيا وللعلا سعيا،
وهنا نمرح ونحتفل مع من يبادلنا مشاعر الأخوة والعروبة والإنسانية.
فحيا على العمل والجدية والندية والاسثماتة في اللعب والفرح … ولفريقنا
الوطني، قائدا ولاعبين مرضيين الوالدين والأكفاء المتشبعين بالروح الوطنية،
القادرين على تحقيق المستحيل … سييير … سييير … سييير …