إعادة إيواء ساكنة الصفيح بعين السبع.. خطوة جديدة نحو دار البيضاء بلا كريانات

بقلم: بلغيت سفيان

تشهد مدينة الدار البيضاء، وخاصة منطقة عين السبع، واحدة من أهم العمليات الاجتماعية والإنسانية المرتبطة بالقضاء على السكن غير اللائق وإعادة إيواء الأسر القاطنة بدواوير الصفيح. وتُعتبر دواوير “بيه” و*“سيدي عبد الله بالحاج”* من بين أقدم الكريانات بالمنطقة، حيث يعود تاريخ وجودها لما يقارب قرناً ونصف.

تأجيل عملية الهدم استجابة لمطالب الساكنة

في البداية، كان مقرراً الشروع في عملية هدم هذه الدواوير يوم 30 مارس 2024، وهو ما أثار قلقاً كبيراً لدى الساكنة نظراً لتزامن التاريخ مع الموسم الدراسي لأبنائهم. وقد بادرت جمعيات محلية وممثلو الساكنة إلى عقد لقاءات مع السيد العامل محمد الطوس، الذي استمع لمطالب السكان وأكد لهم أن هدف السلطات هو إيجاد حلول عملية، وليس التضييق عليهم.
وبتنسيق مع السيد الوالي محمد مهيدية، تقرر تأجيل عملية الهدم إلى نهاية الموسم الدراسي (شهر يونيو)، ضماناً لاستقرار التلاميذ وتجنب التأثير السلبي على مسارهم التعليمي.

انطلاق عملية التسجيل والقرعة

ابتداءً من شهر يوليوز، دخلت عملية إعادة الإيواء مراحلها العملية، حيث توجهت الأسر إلى الشباك الوحيد بعين السبع لوضع الوثائق المطلوبة:
• نسخة من عقد الزواج،
• نسخ من البطاقات الوطنية للزوج والزوجة،
• صورتان شمسيتان لكل واحد منهما.

بعد مرور حوالي 15 يوماً على إيداع الملفات، بدأت الأسر تتوصل بالاستدعاءات من أجل أداء مبلغ 20.000 درهم كشرط للاستفادة من الشقق، التي يبلغ ثمنها الإجمالي حوالي مليون سنتيم.
عملية الأداء تتم عبر البنوك، حيث يُسلم وصل أصلي لا يقبل أي نسخة، ثم يُودع في الشباك الوحيد قصد التسجيل في القرعة، التي تُحدد الشقة ورقمها والطابق المخصص لكل أسرة.

تسليم الشقق في آجال معقولة

خلافاً لبعض الإشاعات التي تحدثت عن تسليم الشقق بعد ثلاث سنوات، أكدت السلطات المحلية أن العملية تسير بوتيرة سريعة، ولن تتجاوز في أقصى تقدير ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر، وهو ما يبعث على الاطمئنان ويُبشر بقرب تسليم المفاتيح للمستفيدين.
وقد انطلقت فعلاً الدفعة الأولى من الأسر المستفيدة من دوار “بيه”، فيما ستلتحق ساكنة سيدي عبد الله بالحاج ابتداءً من يوم الجمعة المقبل، حيث سيشرعون في وضع ملفاتهم لدى الشباك الوحيد بحي الأمل.

مشروع حضري متكامل

المشروع السكني الجديد الذي ستنتقل إليه الأسر بمنطقة مولاي رشيد، لا يقتصر فقط على توفير شقق لائقة، بل يتضمن كذلك تجهيزات أساسية، منها:
• مؤسسات تعليمية جاهزة قبل الدخول المدرسي المقبل،
• مستوصف ومرافق اجتماعية،
• شبكة طرق حديثة وإنارة عمومية،
• مساحات خضراء وملاعب قرب للأطفال والشباب.

وقد أعطى السيد الوالي تعليمات صارمة للمقاولات المكلفة بالأشغال بضرورة احترام الجودة وتفادي أي غش في البناء، مع تسريع وتيرة الأشغال لتكون جاهزة في أقرب الآجال.

القضاء النهائي على الصفيح بالدار البيضاء

هذه العملية ليست معزولة، بل تأتي في إطار المشروع الملكي الكبير للقضاء على السكن الصفيحي بجهة الدار البيضاء–سطات، والذي يهم حوالي 62 ألف شقة مخصصة للأسر المستفيدة. وتشمل العملية دواوير ومناطق متعددة مثل: بوسكورة، الرحمة، نواحي بن أحمد، مولاي رشيد، التناس، المدينة القديمة وغيرها.

نداء للمسؤولين والمجتمع المدني

من خلال هذه الدينامية، يوجه الإعلامي أحمد شوفار نداءً لكل الفاعلين من سلطات محلية، جماعات ترابية، وجمعيات المجتمع المدني، بضرورة مواكبة هذه المرحلة الحساسة وضمان نجاحها، ليس فقط عبر توفير السكن، بل أيضاً عبر تعزيز المرافق الاجتماعية والتربوية والثقافية حتى تكون هذه الأحياء الجديدة فضاءات عيش كريمة.

نحو دار البيضاء جديدة

الدار البيضاء تتغير بسرعة بفضل التوجيهات الملكية السامية، حيث تشهد المدينة مشاريع كبرى على مستوى البنية التحتية، الطرق، التشجير، المساحات الخضراء، والأسواق المهيكلة. ومع القضاء على الكريانات، ستتحول العاصمة الاقتصادية إلى مدينة حديثة، تليق بتاريخها ومكانتها.

وفي الختام، فإن عملية إعادة إيواء ساكنة دواوير عين السبع، وعلى رأسها “بيه” و”سيدي عبد الله بالحاج”، هي نموذج ناجح للتفاعل الإيجابي بين الدولة والمواطن، وخطوة عملية نحو مغرب بدون صفيح، كما أراده جلالة الملك محمد السادس نصره الله.