إلى المرأة في عيدها العالمي

جريدة أرض بلادي_الدار البيضاء_
مصطفى لغتيري_

تحية إنسانية شامخة.
وبعد، بمناسبة يومك العالمي، الذي يصادف الثامن من مارس من كل عام، يسعدني أن أتوجه إليك، آنستي و سيدتي، بأجمل التحايا القلبية، متمنيا لك المزيد من العطاء والتألق في الحياة، فأنت رمز الخصب المتجدد، و النماء الدائم، ولولاك لما أمكن لهذه الحياة أن تستمر، أو أن يحتفظ النوع البشري بوجوده واستمراره الهش أصلا..
كلما مر عام ازددت اكتشافا للمرأة وبذخها، ليكتسحني الكثير من التواضع تجاه جلال هذا الكائن الاستثنائي، القادر على النضال على جميع الجبهات دون كلل أو ملل، فأقف منبهرا على ضفاف نهرها الفياض المعطاء ، الذي لا يتوقف لحظة عن ري أنفسنا بمياهه المحفزة للحياة، لتسقي في رحاب ذواتنا شتائل الرحمة و العطف والحنان، كي تنمو باضطراد ،وتعطي أكلها راضية مرضية بعد حين..
على امتداد المعمور، في فلسطين و المغرب و تونس و البحرين و تنزانيا و الشيلي و أندونيسيا و غيرها من البلدان، ترتدي المرأة أزياء محلية، تشي بتمسكها القوي بعادات و تقاليد بلدها، عكس الرجل الذي بهره اللباس الأوروبي فتشابه زيه في كل الأوطان.
رغم مظاهر الشقاء على سحنتها في أكثر من مكان ، فإن المرأة تصر على أن تكون نسمة لطيفة، ريانة تهب على كل من حولها، جاعلة من كينونتها قطعة فنية، تأسر العقول و الوجدان، وابتسامات الأمل لا تفارق شفاهها، رغم ضنك العيش وقسوته في كثير من الأحيان..
تناضل المرأة بطرق شتى من أجل أن تقدم لأبنائها كثيرا من المكاسب كغنائم حرب، فيما هي تصطلي بجحيم الواقع، الذي لا يعترف بإنسانيتها ووجودها وكيانها المستقل .
للأسف لا زال هذا الكائن الجميل الناعم مكبلا بالأحكام المسبقة، والقوانين الجائرة، إنه الكائن الأكثر معاناة وأمية وفقرا ، والأكثر خضوعا للعنف في الحرب و السلم على حد سواء، ولا زال –للأسف- قطاع واسع من البشر يجادل في أحقيته في أن يكون إنسانا كامل الإنسانية، يتمتع بوطنيته كاملة و يستفيد من حقوقه، كما هو مرغم على أداء واجباته.
لكن هذه الصورة السوداء لا يمكن-بأي حال من الأحوال- أن تخفي لوحة موازية، زاهية الألوان، تقدم نفسها كقوس قزح في صبيحة ربيعية، تنسج تفاصيلها نساء أبدعن و لمعن و فرضن أنفسهن في مجالات تعز عن الحصر ، فقدمن بذلك شهادة حية على أن المرأة كائن منتج، مبدع بالفطرة، قادر على أن يجعل عالمنا أفضل و أكثر أمنا و سلاما و عطاء.
فلتسعدي – آنستي و سيدتي- بعيدك العالمي هذا، ولتخضبي حياتنا بحضورك الجميل الآسر، واجعلي وجودنا سمفونية نعزف ألحانها معا، ونردد كلماتها ضمن جوقة أداء متعددة الأجناس الأعراق والأديان واللغات.