ارتفاع البطالة مقلق و ترقب تدابير الحكومية 

جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

تراهن الحكومة على تقليص نسبة البطالة التي شهدت ارتفاعا خلال السنة الماضية، إذ انتقلت من 11,8 في المائة إلى 13 في المائة خلال السنة الماضية، من خلال “جعل التشغيل أولوية” خلال المرحلة الثانية من ولايتها.

وقال رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الاثنين 19 فبراير 2024 بمجلس المستشارين، خلال كلمة ألقاها نيابة عنه الناطق الرسمي باسم الحكومة، خلال المنتدى البرلماني الدولي الثامن للعدالة الاجتماعية، إن الحكومة قررت تخصيص المرحلة القادمة من العمل الحكومي لقضية التشغيل وجعلها أولوية وطنية.

 

وأبرز أخنوش، أن المرحلة المقبلة “تستدعي تظافر الجهود والإرادة الكاملة للتسريع من وتيرة الاستثمار المنتج لفرص الشغل، وتطوير الاستراتيجية الوطنية في مجال التشغيل مما سيسمح بتوفير فرص للشغل لكل المغاربة في المجالين الحضري والقروي، وإدماج مختلف البرامج من أجل التقائية أكبر والرفع من نجاعة تدخلات جميع الفاعلين الرامية إلى خلق فرص العمل اللائق.

 

يأتي ذلك في سياق ارتفاع معدل البطالة في العام الماضي إلى 13 في المائة في المغرب، بعدما كان في حدود 11,8 في المائة في العام الذي قبله، وفق مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط حول وضعية سوق الشغل، صادرة يوم 06 فبراير الجاري، والتي أكدت أن عدد العاطلين وصل في العام الماضي إلى 1,58 مليون.

 

وحسب المذكرة ذاتها فإن عدد العاطلين بالمملكة سجل زيادة وصلت إلى 138 ألف شخص، منهم 98 ألفا بالوسط الحضري و40 ألفا بالوسط القروي، وانتقل معدل البطالة من 15,8 في المائة إلى 16,8 في المائة في الوسط الحضري، ومن 5,2 في المائة إلى 6,3 في المائة في الوسط القروي.

 

ظرفية اقتصادية تخالف توقعات الحكومة

 

قال الاقتصادي، محمد جدري، إن مسألة التشغيل شكلت أساس برنامج الحكومة الحالية، التي أكدت أنها تراهن على خلق مليون منصب شغل خلال الفترة بين 2021 و2026، “الأمر الذي يبدوا صعب التحقيق بناء على الظرفية الحالية”.

 

وأفاد جدري، أن الظرفية الاقتصادية الصعبة التي يمر منها الاقتصاد المغربي والعالمي؛ والمتمثلة في توالي سنوات الجفاف، وارتفاع التضخم العالمي الذي أدى إلى زيادة أسعار المواد الأولية بشكل أثر على القدرة الشرائية للمواطنين، تسببت في عدم تحقيق البرنامج الحكومي لتقليص البطالة، بل على العكس، فقد عرفت ارتفاعا من 11,8 في المائة إلى 13 في المائة.

 

وتابع أنه لا يمكن تقليص مستوى البطالة من دون الرفع من إنتاجية الاقتصاد الوطني، الذي يواجه حاليا مجموعة من الإكراهات، تتمثل أساسا في استمرار الجفاف خلال الموسم الحالي الذي سيفاقم مشكل الماء، إضافة إلى المشاكل التي تتخبط فيها كثير من المقاولات المغربية، خصوصا المتوسطة والصغرى.

 

ويرى جدري أنه، وفي ظل الظروف السالفة الذكر، يبقى من الصعب تحقيق الأهداف المسطرة للسنة الجارية، مبرزا أنه يمكن الحديث عن تحسن للاقتصاد الوطني الذي سينعكس مباشرة على وضعية الشغل، انطلاقا من سنة 2025، وذلك ارتباطا بالوضعية المناخية والاقتصادية السالفة الذكر.

 

القطاع الفلاحي.. أصل المشكل

 

من جانبه أبرز رشيد أوراز، عضو المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن الارتفاع المسجل في نسبة البطالة بالمغرب لعب فيه توالي سنوات الجفاف دورا كبيرا، لكون ارتباط جزء كبير من العمالة بالأنشطة الفلاحية، إضافة إلى البطء المسجل على مستوى النمو الاقتصادي، والذي لم يخلق ما يكفي من فرص الشغل، وتراجع مردودية الاستثمار العمومي على مستوى خلق الوظائف، إضافة إلى أن “الاستثمار الخاص لازال يراوح مكانه”.

 

ووفق معطيات المندوبية السامية للتخطيط فإن قطاع البناء والأشغال العمومية ساهم، خلال السنة الماضية، في إحداث 19 ألف منصب شغل، وقطاع الخدمات 15 ألف منصب شغل، والصناعة بما فيها الصناعة التقليدية 7 آلاف منصب شغل، في حين فقد قطاع الفلاحة والغابة والصيد 202 ألف منصب.

 

وأوضح أوراز، في حديثه أن ارتفاع معدل البطالة لمستوى 13 في المائة يبقى معدلا عاليا ويجب على الحكومة إيجاد الحلول الناجعة لتوفير فرص الشغل، خصوصا أن هذا المعدل يضم بالأساس حاملي الشهادات والشباب.

 

وتسجل مندوبية التخطيط أن معدل البطالة يظل مرتفعا في صفوف الشباب البالغين بين 15 و24 سنة؛ حيث يصل إلى 35,8 في المائة، بينما يبلغ بين حاملي الشهادات 19,7 في المائة، والنساء 18,3 في المائة.

 

وخلص أوزار إلى أن وضع حل لمشكل ارتفاع نسبة البطالة بالمملكة يمر عبر خلق فرص عمل لائقة، من خلال تشجيع الاستثمار الخاص والاستثمارات الأجنبية المباشرة.

 

وكان عزيز أخنوش قد أشار في كلمته، إلى أن “الحكومة تمتلك اليوم إرادة سياسية حقيقية للدفع قدما بقضية العمل اللائق وتوفير الأرضية الخصبة حتى يصبح عاملا أساسيا في مسار التماسك الاقتصادي والاجتماعي، الذي شكل منذ البداية أساسا للتعاقد السياسي مع المواطنات والمواطنين خلال الولاية الحكومية الحالية”.

 

وأفاد بأن “الحكومة تراهن على إعادة النظر في مجموعة من التشريعات والقوانين الاجتماعية المرتبطة أساسا بقانون الشغل وقانون الإضراب، بما يكرس الاستقرار والسلم الاجتماعي داخل المقاولة، مع التأكيد على مأسسة آليات حماية العمال والأجراء للانتقال السلس إلى الاقتصاد المهيكل وسوق الشغل المنظم”.