جريدة أرض بلادي – عبد الفتوح كريمة –
أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أمس الثلاثاء بالرباط، أن التوجيهات الملكية تجعل من البحر ركيزة أساسية لتحقيق الازدهار الوطني، وتعزيز الروابط القارية، والدفاع عن السيادة المغربية.
وأوضح بوريطة، في كلمة ألقيت بالنيابة عنه خلال افتتاح ندوة حول “الممارسات الدولية في ترسيم المجالات البحرية”، المنظمة بشراكة مع معهد القانون الدولي، أن الرؤية الملكية تتجاوز مفهوم السيادة التقليدي، لتجعل من الفضاء البحري مجالا للتواصل الاقتصادي والإنساني، خاصة مع القارة الإفريقية.
وأشار الوزير إلى أن هذا التوجه يظهر بوضوح في عدد من المشاريع الكبرى، أبرزها تطوير الاقتصاد الأزرق والموانئ الوطنية، مثل ميناء طنجة المتوسط الذي أصبح من أهم المراكز المينائية في إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، وميناء الداخلة الأطلسي المرتقب، الذي سيشكل منصة استراتيجية للتعاون مع إفريقيا، إلى جانب الدعوة لإعادة بناء أسطول وطني قوي في مجال النقل البحري.
وعلى الصعيد الدولي، أبرز بوريطة أن المبادرات الدبلوماسية المغربية الأخيرة تعكس المكانة المركزية للبحر في السياسة الخارجية، من بينها “مسلسل الرباط” الذي يجمع 23 دولة إفريقية أطلسية حول ثلاثة محاور أساسية: الأمن البحري، حماية البيئة، والتنمية المستدامة. كما توقف عند المبادرة الملكية لتمكين بلدان الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، التي أُطلقت سنة 2023 للتخفيف من عزلة هذه الدول عبر الاستفادة من البنيات التحتية المينائية المغربية.
وفي السياق نفسه، ذكّر الوزير بمشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، الذي انطلق سنة 2016 بشراكة بين المغرب ونيجيريا، معتبرا أنه ليس مجرد مشروع طاقي، بل آلية استراتيجية لربط 13 بلدا إفريقيا، ودفع التنمية الإقليمية، وضمان الاستقرار المشترك.
كما شدد بوريطة على أن المغرب ينقل هذه الرؤية إلى المحافل الدولية، آخرها مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات المنعقد في نيس، حيث ترأس الملك محمد السادس، إلى جانب الرئيس الفرنسي، قمة إفريقية للمحيط، انطلاقا من قناعة راسخة بأن مستقبل القارة لا يمكن أن يُبنى من منظور بري فقط، بل هو أيضا بحري.
وأكد أن مقاربة المغرب للفضاء البحري تقوم على اعتباره مجالا للتكامل والشراكة، وليس مجرد حدود جغرافية، مبرزا أن اتفاقية “مونتيغو باي” لقانون البحار يجب أن تُستثمر كأداة مرنة قابلة للتطوير، لمواكبة التحولات التكنولوجية والبيئية.
كما دعا إلى إصلاح حكامة المحيطات بما يراعي المستجدات في مجالات التعدين البحري، التنوع البيولوجي، والتحديات البيئية، مبرزا أن اتفاقية التنوع البيولوجي البحري في أعالي البحار تشكل خطوة استراتيجية لحماية مصالح إفريقيا الساحلية التي تعتمد بشكل مباشر على صحة المحيطات.
وقد عرفت الندوة مشاركة واسعة لخبراء في القانون الدولي من داخل المغرب وخارجه، من بينهم محمد بنونة، رئيس معهد القانون الدولي، ويوجي إيواساوا، رئيس محكمة العدل الدولية.