جريدة أرض بلادي_الحي الحسني_
الدكتور عبد العزيز حنون_
الذكاء الاجتماعي الشعبي كان يصنف الناس انطلاقا من معيار الاستقامة على مستوى المعاملات قبل كل شيء.. ولذلك كان كل من يخلف الوعد أو يماطل الحقوق أو يغلب مصلحته على مصلحة الآخرين أو يمشي بوجهين او وجوه بين الناس يصنفوه ضمن “المفلسين” بالنطق الدارجي للكلمة ( “مفلس”بتشديد اللام) ، وكان لا يحظى بثقة من يعرفوه ويتعامل معه بكل الحيطة اللازمة …
ما يهمني هنا هو صنف آخر يغم ( عل غرار “اذا غم عليكم…”) على الناس حالهم فيتركونهم في منزلة بين المنزلتين نظرا لما يظهر عليهم من مقال الطهر و احتراما للشعائر التي يظهرونها.. يتركونهم للزمن يحكم فيهم حكمه الفيصل … حتى يأتي يوم تظهر فيه الأخلاق السيئة في معاملة حاسمة عند شدة أو رخاء، حين تمتحن معادن البشر، فتخرج السريرة وسوء الخلق والمعاملة إلى العلن.لكن بمجرد مرور الموقف وقضاء المأرب يتم الرجوع إلى الاشكال الطقوسية و يتم تركيب وجه الورع الكاذب من جديد، وهكذا دواليك …
من هكذا خصائصه كان حكماء العبادات والمعاملات، صانعو الذكاء الاجتماعي العروبي، يصنفونه ضمن ” الترهبين” وهو اخس في الدركات من “التشلهيب ” الموجود عند عامة فاقدي الأخلاق… ولعل الترهبين من أقبح امراض النفس والمجتمع …