“الدراري رمضان راه جا ….”الدكتور : عبد العزيز حنون “

جريدة ارض بلادي-رضوان جميلي-

 

تلك جملة أثارت انتباهي كانت صدرت من شاب لرفقائه في يوم الشك .. يوم الشك هو ذلك اليوم الذي يراقب فيه الهلال.. بعيدا عن كل الحسابات الغلكية، في المذهب المالكي، رؤية الهلال بالعين المجردة من عدلين اثنين هي ما يثبت أو ينفي حلول الشهر، يعني رؤيته من طرف ثقات أو “الجماعة”.. فيما قبل كان في كل قبيلة و في كل دوار يجتمع الناس في مكان مشرف على سماء الغروب و يراقبون بأنفسهم.. أول من يراه ينادي على الجميع ليدلهم على مكانه. فيتهافتون نحوه .. شوف على يمين النجمة ..اتبع اتجاه اصبعي.. نعم رأيته إنه كالشعرة.. فلان هل رأيته.. لم أره بعد ..إيت إلى هنا ..انظر هناك.. دقق جيدا.. وهكذا لن يذهب الناس لصلاة المغرب إلا وقد أكدوا رؤيته أو عدم رؤيته.

 

اليوم أصبح الجميع ينتظر بلاغات الشأن الديني ولا أحد يلتفت للسماء الملوثة بما صنعت أيدي الناس..على كل، عبد ربه هو أيضا ممن يعتمدون في صومهم على المؤقتين الرسميين رغم أن همسات هنا وهناك تقول أن برمجة الشهور الهجرية اصبحت تعتمد على التقديرات الفلكية و لا تنتظر أحوال وتقلبات السماء..كل شيء محدد سلفا مع بداية كل سنة دينية على غرار السنة الدراسية.. الله اعلم !

 

ما علينا .. الشاب المذكور ينتمي لفئة المهمشين الذين يعيشون على ما لست أدري. مرة الواليد ..مرة الواليدة.. مرة خلف “فراشة” يتجاذبها فرارا بها من دوريات تحرير الملك العمومي .. مرة اخرى يساعدون في أمر ما مقابل بعض الدراهم.. شباب معطلون عن العمل يواجهون مصاريفهم اليومية و”كيضبرو على ريوسهم”.. “مبليين” حسب التعريف الشعبي، يعني من مستهلكي المخدرات، وربما من زوار الليل والنهار يننشلون بعض الاغراض لتدبير مصروف لفافات حشيش وما في حكمها، تلك البلية التي باستطاعتها تبديد ثروات ومعها الصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية كما تفعل النار في الهشيم.

 

هؤلاء الشباب لما يأتي الشهر الفضيل يحترمونه بصدق و بما يليق به من توقير فطري ربما أكثر من كثير من مدعي الدين والتدين.. يساهمون في تنظيف المساجد .. “يقطعون” الخمور اربعين يوما قبل رمضان .. ويطلبون كل سنة العفو من الله.. منهم بالفعل من ينتهي عن ذلك إلى غير رجعة، ومنهم من يعود..وهكذا عدة سنوات حتى يأتي العفو من الله من الارتهان لبلية مقعدة.

 

“الدراري رمضان راه جا لي عندو شي فوقية يوجدها” هكذا نطق هذا الشاب.. وهي تعني ما تعنيه من الاستعداد والتعظيم لهذا الشهر العظيم من طرف الشباب ..