الصقلي يوضح نبوءة النحل

جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

أكد الباحث في الانثروبولوجيا والمتخصص في التصوف، فوزي الصقلي، أمس الأربعاء بالرباط، أن النحل وما يتميز من خصائص وقدرة على العمل الدؤوب المتواصل، يشكل تجليا من تجليات إبداع الخالق عز وجل.

وقال الصقلي خلال محاضرة قدمها بفيلا الفنون تحت عنوان “نبوءة النحل: التصوف والإيكولوجيا” إن “النحل يشكل تجليا ملموسا لهذا الوحي المرتبط بالاشتغال بشكل مستمر”، موضحا أن “هذا الوحي يشكل صلة وصل مع البعد الروحي وهذه القدرة على استغلال شيء يتجاوز المنطق التحليلي إلى الحدس المتنور”.

 

وبعدما استحضر قول الله عز وجل في سورة النحل “وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون”، اعتبر المحاضر أن هذه الحشرة الاجتماعية تقوم بعمل “معتبر” لتلقيح 80 في المائة من إنتاج خلايا النحل و40 في المائة مما يأكل البشر.

 

وأضاف أنه عندما ينتقل النحل من زهرة إلى أخرى بغرض التغذية، فإنه ننقل الطلع الذي يشكل عامل تخصيب في الطبيعة.

 

كما توقف الصقلي عند قدرة النحل “المتطورة للغاية” على التواصل، وكذا عند الرقصات الدائرية أو الاهتزازية، التي شرع المتخصصون في تفكيك رموزها، واصفا إياها ب”عبقرية الخالق” التي تؤكد أن النحل يوحى إليه وأنه ليس من الغريب أن تحمل سورة من القرآن الكريم اسم النحل.

 

وأشار إلى أن ظاهرة انهيار طوائف النحل تشكل “مؤشرا بيئيا جليا” يدل على انهيار واحدة من “الفاعلات الأكثر نشاطا في الطبيعة والتي يرتبط نمط عيشها بشكل مباشر بالتوازنات الخفية التي توجد فيها”.

 

وإضافة إلى النحل، توقف الصقلي عند نماذج خلاقة أخرى وصفها بـ”أنشودة الطبيعة”، من قبيل مراحل تشكل الأجنة، والنباتات والحيوانات وقدرة الرياح على تلقيح الطبيعة.

 

من جهة أخرى، اعتبر الصقلي أنه حاليا، هناك أشخاص تجمعهم روابط بالطبيعة ولهم قيم تمكنهم من عيش حياتهم بكرامة، مشيرا في المقابل إلى وجود بعض أشكال سوء التعامل مع الطبيعة تبرز في تجليات وأشكال عدة. وقال إن تشييء الطبيعة وجعلها كائنا صامتا سيؤدي إلى استغلالها وفق “رؤية مادية” للبيئة.

 

وتطرق الصقلي في هذا الصدد إلى مفهوم الأمانة ومسؤولية الخلافة الملقاة على عاتق الإنسان. وقال “نحن نتحمل مسؤولية التعامل مع الطبيعة باحترام”. وقال إنه من وجهة نظر دينية، فإن جميع المخلوقات تسجد للخالق، والإنسان هو الوحيد الذي له إمكانية الانخراط الواعي والاضطلاع بدوره تجاه الطبيعة، أو معاملتها على العكس من ذلك بأبشع الطرق الممكنة.

 

وخلص إلى أنه “يمكننا أيضا أن نبتعد قدر الإمكان عن هذه العلاقة مع الطبيعة تماما مثلما يمكننا أن نكون قريبين جدا من هذه العلاقة الروحية معها. والغاية من وجودنا هي أن نساهم في هذه الصلاة الكونية وفقا لقول الله عز وجل (كل قد علم صلاته وتسبيحه)”.

 

يشار إلى هذه المحاضرة تعد ثالث محاضرة ضمن سلسلة أطرها الصقلي بمبادرة من مؤسسة المدى، حول موضوع (مقدمة عامة عن التصوف، نصوصه المؤسسة وتعبيراته الثقافية والتاريخية)، حيث تناولت المحاضرة الأولى (12 أبريل الماضي) موضوع “التصوف.. تراث عالمي للإنسانية”، فيما تناولت المحاضرة الثانية (11 ماي) موضوع “الثقافة والفكر الصوفي في مواجهة تحديات الزمن الراهن: نحو بروز نزعة إنسانية روحية”

و.م.ع