الغنائية في الكتابة

جريدة أرض بلادي_الدار البيضاء_

الكاتب مصطفى لغتيري_

الغنائية من العيوب المقيتة في الكتابة عموما وفي القصة على وجه الخصوص، وهي لا تعني سوي الحضور القوي لذات الكاتب وما يترتب عن ذلك من بوح وشكوى وسيطرة الصوت الوحيد على القصة، فكلما أبعدت ذاتك نجحت قصتك، وحتى لو استعملت ضمير المتكلم، فلا تنس أبدا أنك تتقمص شخصية مختلفة عنك، وبأنك لا تكتب عن ذاتك. وأنك تستعمل ضمير المتكلم كحيلة سردية فقط للإيهام بحقيقة ما تسرده، لأن القارئ يهوى التلصص على حياة الكاتب الواقعية، ويقبل على القراءة إذا أوهمه بأن ما يحكيه لنا يطابق حياته. لكن ذلك مجرد حيلة سردية، فالسارد كائن من ورق أو من كلمات لا أقل أو أكثر ولنقل كائن من خيال، وقد يستفيد من حياة الكاتب كما يستفيد من غيرها من الحياوات، لكنه أبدا لا يطابقها، ولا ينبغي له ذلك، واعلم أن آخر ما يتمناه القارئ أن تحاصره في الزاوية الضيقة وتستفرغ عليه همومك واحزانك، بل يهمه في المقام الأول ان “تعكس” له الحياة في تنوعها وتعقدها وعبثيتها.
واعلم اخيرا أن النزوع نحو الدرامية من خلال توظيف تعدد الأصوات، وهو ليس سوى تعدد تصورات الشخصيات، كفيل بإبعاد شبح الغنائية عن قصصك.