جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-
يحتفل المهرجان الوطني للفيلم بطنجة هذه السنة بدورته الخامسة والعشرين، وهو عمر يرسخ مكانته كأهم موعد سينمائي مغربي. فمنذ سنة 2023، عرف المهرجان قفزة نوعية سواء على مستوى التنظيم الاحترافي أو غنى فقراته والمواضيع المطروحة في ندواته، إضافة إلى الحضور المهني المكثف والتغطية الإعلامية الواسعة بمختلف أصنافها، من قنوات وصحف وطنية ودولية، وصولاً إلى صناع المحتوى الشباب الذين صاروا ينقلون يومياته عبر منصات التواصل الاجتماعي.
هذا التطور جعل من المهرجان واجهة ثقافية وسينمائية حقيقية، تؤرخ لمسار السينما المغربية وتؤكد جاهزيتها لمقارعة كبريات التظاهرات العالمية.
صورة لا تكتمل
غير أن النقطة الوحيدة التي ما تزال تسجل على المهرجان تتعلق بـ هندام بعض ضيوفه، خصوصا في حفلي الافتتاح والاختتام. ففي الوقت الذي تشترط فيه مهرجانات مثل مراكش وكان والأوسكار ارتداء لباس رسمي أنيق يليق بالبساط الأحمر، ما يزال المهرجان الوطني يشهد حضوراً متفاوتاً لا يرقى إلى مستوى المناسبة السينمائية الكبرى.
الهندام هنا ليس مجرد مظهر شخصي، بل جزء من الصورة العامة للمهرجان. الصور الملتقطة على البساط الأحمر تظل وثائق بصرية تتداولها وسائل الإعلام والجمهور، وتعكس بشكل مباشر صورة السينما المغربية في الخارج. وحتى الصور التي يلتقطها المهنيون والمشاركون والنقاد لتوثيق حضورهم، يفترض أن تكون بدورها في مستوى الحدث، لأنها تصبح لاحقاً مادة مرجعية تعكس صورة المهرجان في الذاكرة البصرية والجماعية.
بين المنظم والضيف
قد يقال إن توفير لباس رسمي للضيوف يدخل ضمن مسؤولية الجهة المنظمة، عبر التعاقد مع شركات خاصة بالأزياء كما هو معمول به في مهرجانات عالمية. غير أن واقع الحال مختلف، فالمهرجان الوطني ميزانيته محدودة، والدعم الذي يتلقاه من لجنة دعم تنظيم المهرجانات السينمائية يبقى متواضعاً مقارنة بحجم المصاريف، من إيواء وتغذية وتنشيط.
لذلك، فإن العناية بالهندام تبقى مسؤولية فردية للمهنيين والضيوف، الذين يتعين عليهم الحضور بمظهر يليق بمستوى المناسبة وبسمعة السينما الوطنية.
رمزية الأبيض والأسود
من بين الاقتراحات العملية التي يمكن أن تمنح البساط الأحمر للمهرجان الوطني لمسة عالمية، اعتماد اللباس الكلاسيكي بالأسود والأبيض، لما يحمله من رمزية تاريخية ارتبطت بالسينما العالمية. فالمهرجانات الكبرى جعلت من هذا الزي علامة فارقة في حفلاتها، لما يعكسه من أناقة ورصانة.
الهوية البصرية للسينما المغربية
اليوم، تمتلك السينما المغربية من المقومات ما يجعلها حاضرة بقوة في المحافل الدولية، من جودة الإنتاجات وتنوع المواضيع إلى حصد الجوائز في مهرجانات عالمية. لكن هذه الصورة الإيجابية تحتاج إلى ما يكملها: الهندام الأنيق على البساط الأحمر، وصور الضيوف التي تعكس رقيهم وتاريخهم المهني، مما يشكل جزءاً من الهوية البصرية للمهرجان، ويعزز مكانته كمؤسسة ثقافية وطنية ذات إشعاع عالمي.
ما بين الوجوه والرسالة البصرية
المؤسف أن نرى وجوها معروفة من المهنيين ترتدي ملابس أنيقة في مهرجانات وطنية ودولية أخرى، بينما تحضر إلى المهرجان الوطني وكأنها في زيارة لسوق أو نزهة عائلية نهاية الأسبوع.
إننا اليوم في عصر التوثيق الرقمي المباشر، حيث تنتشر الصور والفيديوهات في لحظتها عبر العالم. وهنا يصبح المظهر الخارجي جزءاً من جودة التظاهرة نفسها، ورسالة بصرية لا تقل أهمية عن جودة الأفلام.
المهرجان كقوة ناعمة للمغرب
المهرجان الوطني للفيلم ليس مجرد حدث فني، بل تظاهرة سينمائية دافئة تعكس الثقافة والقوة الناعمة للمغرب في بعدها السينمائي. والهندام جزء أساسي من ثقافة المجتمع وحضارته. فكما أن الأفلام تسرد قصص المغرب للعالم، فإن حضور ضيوفه بأناقة يعكس صورة بلد يحترم فنونه ويكرم تاريخه السينمائي.
نحو تسويق عالمي للسينما المغربية
المطلوب اليوم هو عمل جماعي على تسويق السينما المغربية والتعريف بها عالمياً انطلاقاً من المهرجان الوطني للسينما، باعتباره أكبر مهرجان قومي للسينما في إفريقيا والعالم العربي. وإذا كان المهرجان قد نجح في رفع مستوى التنظيم والإشعاع خلال السنوات الأخيرة، فإن حلقة الهندام الأنيق تظل المفتاح لنقل صورته إلى مستوى أعلى، يليق بمكانة السينما المغربية وطموحاتها العالمية