بابا عيشور _ الدكتور و الإعلامي عبد العزيز حنون _

جريدة أرض بلادي – هيئة التحرير-

بابا عيشور ما علينا بحكام آللا عيد الميلود كيحكموه الرجال آسيدي ..هكذا كانت تعلن بنات ونساء الدوار في ليالي عشر محرم عن حقهن في اللهو واللعب بلا رقابة الرجال و ضرورة الدخول للخيمة مع الغروب .. كانت ليالي صاخبة بما تعني الكلمة من معاني تسمع فيها سمفونيات الطعاريج مختلطة بأصوات حادة تخترق الفضاء الدامس قادمة من كل صوب حيث الدواوير المنتصبة فوق الربوات .. كانت توقد الشعالات من طرف الشبان ويتم القفز من فوقها .. وكلما كانت الشعالة كبيرة كلما كان الاحتفال أكبر، لكن كنا دائما حذرين جدا ان تنتقل شراراتها الى المحيط المليء بنوادر التبن فتكون لا قدر الله الكارثة ..

 

كان الشباب يجلسون في قرن الدوار .. في مرتفع بعيد عن إزعاج البنات .. لكن رغم ذلك كانت عين الكبار تتبع كل التفاصيل من بعيد وكل محاولة زيغ عن الجادة أو بسالة قد تطفو على السطح يكون لها بالمرصاد بعض من كانت مهمتهم الضبط والربط من ذوي الكلمة المسموعة..

 

كنا نملا كوابيسنا بالفرشي ونسدد طلقات قد تكون مدوية فنسعد بذلك، وقد تكون فاشلة اذا تم خداعك في السوق ان اقتنيت نوعية رديئة من الفرشي البارد.. كنا نطلق الصواريخ فترسم في السماء مسارا عشوائيا قبل ان تنفجر كما كنا نفجر القنبول على بعضنا، لكن اذا اكثرنا المشاغبة تتدخل العين اليقظة “سبر لداركم أولد فلان يلاه غبر من هنا” ..و هي ليما تعاود.. والا كان الجواب قاسيا..

كانت البنات يلعبن كفايتهن.. لا ينسين هجو الدوار المنافس، ويمدحن دوارهن، كما يبكين بابا عيشور في آخر الليل مرددات هاحي..هاحي.. وكانهن يودعنه لسنة قابلة ان بقي في العمر فسحة حتى يتاح لهن هذا الهامش من الحرية المحروسة ..

 

لم نكن نخلط كل هذه المراسيم بما أصاب القارين بزاف في هذه الايام الذين لا يملون من الرجوع إلى مقالات كلامية أكل عليها الدهر وشرب .. كانت عشرة ايام وليالي تخصص للعب الأطفال ولهو النساء وشراء الحلويات والسلعة كما كنا نسمي الفواكه الجافة.. ومناسبة اقتصادية لمدخول محترم لكل سليعي، كما كنا نسمي أيضا بائعي اللوز والكركاع و التمر، الذين كانوا هم وبائعو الكتان من الأغنياء..

 

فمبروك عواشركم بلدية بلا علم الكلام ديال السنة والشيعة والخوارج والمعتزلة والمرجئة ..