بمناسبة تكريم المبدع المغربي مصطفى لغتيري

جريدة أرض بلادي-رضوان جميلي-

شهادة :

 

كتبها :الأديب المغربي شكيب عبد الحميد

 

من هو مصطفى لغتيري؟*

 

إنه رجل من طينة الكتاب المصريين الذين يملأون المكان كنجيب محفوظ و كامل الشناوي و مصطفى أمين و المنفلوطي و صلاح جاهين ، قاماتهم تملأ العين ، خصوصا إذا ارتدى قلنسوته فإنه يبدو كأسامة أنور عكاشة.

 

تعرفت عليه من خلال قصصه ، و التقينا أول مرة في لقاء للقصة القصيرة بالمحمدية ، أهداني مجموعته القصصية و من يومها توطدت علاقة حميمية بيني و بينه ، علاقة يشوبها الاحترام التام ، التقينا في عدة لقاءات في مؤتمر اتحاد كتاب المغرب ، و في ملتقى القصة القصيرة ببلقصيري و في معرض الكتاب بالدارالبيضاء ، و في مدينة الجديدة حيث جاء للمصيف بمدينة أزمور صيف 2008.

 

عرفت فيه رجلا شهما كريما ، طموحا ، و هذه الخصلة الأخيرة سأركز عليها في الشهادة.

 

مصطفى لغتيري رجل طموح إلى أبعد حد ، يكتب باستمرار ، ينشر كتبه ، وقافلته تسير رغم نباح الكلاب مما يغيظ الكثيرين ، خصوصا الفاشلين و الحاسدين ، رجل يبني مستقبله كالنمة لا يكل و لايمل ، و في ظرف وجيز راكم تجارب عديدة ، إنه يذكرني بزفزاف رحمه الله ، غزير الإنتاج ، يزاوج بين القصة و الرواية ، و لغتيري يزاوج بينهما كذلك.

 

أرى في رواياته نفسا تجديديا رصينا يذكرني بكبار الأدباء مشرقا و مغربا . لم يغرق في الإسفاف أو التجريب الذي يقترب من التخريب أو الغموض الناتج عن ضبابية الرؤية . مصطفى لغتيري إنتاجاته تمنحك نفسها و تفتح أمامك آفاقا جديدة، قصصه كتبت بنفس شبابي حداثي ، لكن بروح و نفحة كلاسيكية ، تخلق لدى المتلقي لذة القراءة، و الحقيقة تقال : الأدب العالمي الآن ، و الذي يحصد الجوائز وخصوصا جائزة نوبل هو أدب سهل ممتنع ، أدب مفهوم و راق.

 

مصطفى لغتيري من طينة هؤلاء ، يكتب باستمرار ، نشيط إلى أبعد الحدود في العمل الجمعوي و على شبكة الأنترنيت ، يراسل ، يكتب ، يحاور ويناقش ، يتدخل ، يتأمل كخلية نحل ، متزوج ، له أبناء ، يشتغل في التدريس ، يوفق بين الكتابة و التدريس و واجبات الحياة ،يأكل الطعام و يمشي في الأسواق ، يجوب البلاد طولا و عرضا ، يشارك في الملتقيات ، يذكرني بالكتاب الحقيقيين ، الذين بصموا حياتهم و حياة الناس ، أمثال حنا مينة ، نجيب محفوظ ، محمود درويش . كتاب من لحم و دم ، و ليسوا من حبر و قلم.

 

و لا يفوتني – بهذه المناسبة- أن أتطرق إلى نقطة مهمة ألا و هي نكران الذات لدى مصطفى لغتيري ، و تقديم يد العون كلما سنحت الفرصة ، لا يبخل عليك بأي شيء في متناوله من معلومة أو عنوان أو موقع أو مجلة أو دار نشر ، و هذه خصلة من خصال الكتاب الحقيقيين. إنه يمد يد العون للجنسين ذكرا كان أو أنثى ، عكس الذين يقومون قومة رجل إلا إذا كان الطرف الآخر أنثى ، و ما أكثرهم في بلدنا الحبيب.

مصطفى لغتيري لا فرق لديه بين ذكر و أنثى . يساعد الكل . يفتح الآفاق بكل أريحية ، يكتب بكل حرية ، و لا يخاف قلمه لومة ناقد.

 

 

مصطفى لغتيري لن تستطيع هذه السطور أن توفيه حقه و لا هذا اللقاء .. إنه يسير في ركب الكبار ، و لا بد أن يصل و يحقق تراكمات تغني الريبرتوار المغربي.

 

هذا هو : أخ كريم ، و مبدع أصيل ، يثير حنق الكثيرين بعمله الدؤوب ، و طموحه اللامحدود ، قافلته تسير ، وستتعب في جريها الكلاب .

دمت أخا عزيزا و صديق درب الإبداع.