جدار الشارع وجدار الفيسبوك -الدكتور:عبد العزيز حنون

جريدة أرض بلادي-رضوان جميلي-

الكتابة على الجدران وعلى الابواب وفي كل مكان مشترك الهدف منه التعبير وإيصال رسالة. ما الذي يميزها عن جداريات بالألوان التي تدخل في نطاق الفنون التعبيرية التي قد يحتفى بها لتمرير رسالة ما في موضوع ما، و عن حيطان التواصل الرقمي..؟

 

هي تعبيرات “عشوائية” ربما تنتمي عند البعض ضمن التلطيخ، ككتابة كلمات وجمل تنتقد الواقع وربما تشن حملة على طرف ما : “فلان ارحل” لشخصية رياضية أو سياسية، وأحيانا تسب المجتمع برمته بأوصاف خادشة للحياء .. وأحيانا تكون تعبيرا عن احاسيس كذكر اسم بنت وابن أنهما متحابان .. و تتعدد المواضيع من الكلام العادي إلى الكلام السياسي العنيف أو الجنسي المباشر ..

 

ولعل القيام بدراسات لهذه التعبيرات من مكتوبات ورسومات ورموز قد تفيد في معرفة مزاج المجتمع تجاه الممنوعات عبر دراسة مضمون و محتويات عينة منها .. ليست الجدران وحدها منصة للتعبير، فالمواضيع السياسية والجنسية تجد مكانا لها أيضا داخل المراحيض العمومية في المحطات الطرقية أو في المؤسسات التعليمية وغيرها .. حتى يخيل إليك انها منصة مفضلة للتعبير عن المكبوتات، و ربما تعكس منسوب الحرية الضعيف الذي نحن عليه و مدى اتاحية وسائل تصريفها بشكل تربوي طبيعي.. وارى ان حتى الحيطان الرقمية رغم أنها منصات خاصة لم تستطع ان تعوض هذه الوسيلة القديمة من وسائل التواصل التقليدية .. ترى لماذا ؟

 

دائما باستعمال ربما، يبدو لي أن تحريك بعض فصول متابعات الجريمة الإلكترونية يترك لهذه الوسيلة السرية في التعبير فرصة للاستمرار مدة طويلة لان فيها يتحقق امران : عدم كشف هوية المرسل و احيانا حتى دون معرفة المرسل اليه .. و الثاني هو عدم وجود حدود في المضمون الذي قد يعرض صاحبه للمحاسبة ..

 

الصورة المرفقة التي صورتها من أحد الحيطان الحديثة تصف المخدرات كحل من الحلول للمشاكل الاجتماعية.. لكن ما اثارني فيها انها وظفت المرأة المطلقة بوصم نمطي: انها ضعيفة وتبكي دائما على فقدان من يعولها، وهي تمضي يومها مشلولة امام مشاكلها تنتظر حلا سحريا وتشكي همها لكل من تصادفه .. هذا الاحساس هو ربما احساس كاتب هذه الجملة تجاه واقعه حيث يعتبر نفسه مطلقا، بفتح اللام وتشديدها، رمزيا من طرف المجتمع و مشلولا أمام مشاكله، لكنه اكتشف وصفته السحرية، التي عجزت عنها المرأة المطلقة، و جربها وينصح بها غيره ..

 

بدت لي الكتابة متقنة لا أدري هل هي تعبير لشخص ام رسالة ترويجية من جهة لها مصلحة في ذلك.. لكن مضمون الرسالة يبقى هو هو ..