ارض بلادي –
احتضنت قاعة العروض التابعة للمركز الثقافي بالناظور، يوم الاثنين 17 نونبر 2025، عرض الفيلم الوثائقي الطويل “استقلال الجزائر: قضية مغربية” للمخرج ابن تفرسيت بإقليم الدريوش، حسن البهروتي، وذلك ضمن البرنامج الرسمي لمهرجان الذاكرة المشتركة. وقد شهد العرض حضورًا وازنًا لأعضاء لجنة التحكيم وجمهور واسع تابع العمل باهتمام بالغ.
يمتد الوثائقي على مدى 93 دقيقة، ويعيد من خلال مادته التاريخية الغنية تسليط الضوء على عمق العلاقات بين المغرب والجزائر خلال مرحلة الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي. ويستند الفيلم إلى شهادات مؤرخين وشخصيات عايشت تلك الحقبة، إضافة إلى أرشيف نادر، ليقدّم رؤية واضحة حول الجهود المغربية المتعددة—السياسية والمالية والعسكرية والصحية والإعلامية والدبلوماسية والرياضية—التي دعمت الثورة الجزائرية وأسهمت في تحقيق استقلالها.
ويرجع الفيلم إلى سنة 1830، تاريخ بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر، مستحضرًا طلب علمائها “بيعة السلطان المغربي”، قبل أن ينتقل إلى محطات أخرى تُبرز قوة الروابط التاريخية بين البلدين. ويتطرق إلى دور “جمعية طلبة مسلمي شمال إفريقيا بباريس”، و“لجنة تحرير المغرب العربي بالقاهرة”، ثم “جيش تحرير المغرب العربي” الذي شكّل أحد أبرز صور التعاون الوحدوي في تلك المرحلة.
كما يعرض الوثائقي كيف تحوّل المغرب عقب استقلاله إلى قاعدة خلفية لدعم الثورة الجزائرية، مقدّمًا مساعدات حاسمة أسهمت في تقوية جبهة المقاومة ضد المستعمر الفرنسي، وهو ما يؤكده عدد من الشهادات والوثائق التي يتضمنها العمل.
المخرج حسن البهروتي، الذي سبق أن قُدمت أعماله في مؤسسات دولية مرموقة من بينها البرلمان الأوروبي والبريطاني والأمريكي، أكد أن هدفه هو الإسهام في صون الذاكرة المشتركة وتوثيق القضايا الوطنية بشكل بصري دقيق، مستندًا إلى مصادر تاريخية موثوقة وأرشيف متنوع تمّت ترجمة جزء كبير منه إلى لغات عدة.
وقد لقي الفيلم تفاعلًا كبيرًا من الحضور الذي أشاد بقيمة الموضوع وعمقه التاريخي، وبالمعالجة الفنية التي وُفِّقت في إبراز أوجه التضامن المشترك بين المغرب والجزائر، في مرحلة تُجسّد وحدة المصير وروابط الأخوة التي تجمع الشعبين.
ويمثل عرض هذا العمل بالناظور محطة جديدة في المسار الإبداعي للمخرج البهروتي، وإضافة نوعية لجهود توثيق الذاكرة المشتركة لجهة الشرق والمغرب ككل، عبر أعمال سينمائية تحافظ على تاريخ المنطقة وتقدّمه للأجيال المقبلة بأسلوب رصين وواعي.

