جريدة أرض بلادي – اسماء بومليحة –
في خطوة أثارت موجة عارمة من الغضب والدهشة، اختارت وزارة الثقافة منح جائزة “أفضل مؤثر في المغرب” لإحدى الشخصيات المثيرة للجدل على مواقع التواصل، والمعروفة بخطابها السطحي والمثير للجدل، ما اعتبره كثيرون انتصارًا للرداءة على حساب القيم والمعنى.
هذا التتويج الذي تم في قلب مؤسسة يفترض أن تحمي الثقافة وتكرّم الفكر، شكّل صدمة حقيقية داخل الأوساط الثقافية والإعلامية. فالمثير في الأمر ليس فقط في اسم الشخص المُكرَّم، بل في الرسائل الرمزية الخطيرة التي يُمررها هذا التكريم لمجتمع يعاني أصلاً من اختلالات في الذوق العام، وتهميش لرواده الحقيقيين في مجالات الأدب، الفن، والإعلام الجاد.
وسط هذا المشهد المقلق، يتساءل المثقفون: هل أصبح “الترند” معيارًا رسميا للتكريم؟ وهل بات عدد المشاهدات أهم من عمق الرسالة؟ أسئلة مشروعة تُطرح في ظل استمرار تجاهل الأسماء التي تناضل في صمت من أجل الارتقاء بالوعي الجماعي، في مقابل تسليط الضوء على من يقدّمون محتوى استهلاكيًا لا يضيف شيئًا سوى الضحك السطحي والإثارة الفارغة.
الخطورة لا تكمن فقط في هذا التكريم، بل في ما قد يتبعه مستقبلاً من تطبيع مع أسماء أكثر جدلاً، عُرفت بمواقفها التحريضية، أو بممارساتها التي تتعارض مع قيم المواطنة والمهنية.
ما يحدث اليوم يشي بتدهور خطير في مفهوم التقدير الثقافي الرسمي، ويطرح علامات استفهام كبرى حول دور المؤسسات في توجيه الذوق العام وبناء القدوة. فهل أصبحنا أمام مرحلة جديدة تُقاس فيها القيمة الثقافية بعدد “اللايكات” بدل الإبداع والمضمون؟
الإجابة لم تعد مجرد شأناً وزارياً، بل مسؤولية مجتمع بأكمله، بدءًا من النخب الفكرية، مرورًا بالإعلام، ووصولًا إلى وعي المواطن.
في زمن الأزمة القيمية، التكريم مسؤولية… وليس مجرد عرض للفرجة.