دعوات برلمانية إلى التعجيل بمحاربة المتضاربين في الاسعار 

جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

أجمعت الأغلبية والمعارضة على ضرورة الحزم في مواجهة كل المضاربات التي تساهم في ارتفاع أسعار المنتجات الفلاحية، وعلى ضرورة تقنين توزيعها، خاصة بعد إصدار مهمة استطلاع برلمانية لـ64 توصية لتحقيق الهدف الذي تعترضه اختلالات أسهب تقرير المهمة في عرضها ضمن صفحاته.

خلال مناقشة مجلس النواب، اليوم الثلاثاء 5 دجنبر 2023، لتقرير المهمة الاستطلاعية حول “الوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية”، والذي تم الكشف عن مضامينه منذ أبريل الماضي، اتفقت المداخلات على أن ما يحمله من توصيات وما عرضه من اختلالات ترتبط بالمعيش اليومي للمواطن، خصوصا مع ندرة المياه وغلاء أسعار المواد الأولية على المستوى الدولي.

 

ودعا برلمانيون، في الجلسة التي غاب عنها جل النواب، الحكومة إلى بذل مزيد من الجهد لاستقرار الأسعار، والتصدي لكل الممارسات الاحتيالية والمضاربات التي اتفق الجميع على تغلغلها في سلسة التوزيع، بدءا من الفلاح المنتج إلى المستهلك.

 

الفريق الحركي رأى في مداخلته أن “الأمر يستدعي ميثاقا اجتماعيا، وحوارا مجتمعيا على نطاق واسع، غايته تحقيق كرامة المواطن المغربي، في إطار عدالة اجتماعية ومجالية”، داعيا الحكومة إلى تنظيم وتقنين عملية تسويق وتوزيع المنتجات الفلاحية ومسارها، وأيضا المهن المرتبطة بهذه المنظومة، كما هو الشأن بالنسبة للوكلاء داخل أسواق الجملة للخضر والفواكه، وذلك بتحيين القانون المنظم لهذه المهنة، والذي يعود إلى سنة 1962، وكما هو الشأن أيضا بالنسبة للوسطاء وتجار نصف الجملة من خلال منحهم صفة التاجر المتضمنة في مدونة التجارة.

 

واقترح الفريق الحركي إحداث مؤسسة موازية لمراقبة وتنسيق المنتجات الفلاحية الموجهة للتسويق الداخلي، لوضع مجموعة من الضوابط المتعلقة بالتسويق، والتي جاء عدد منها على شكل توصيات في هذا التقرير، لحفظ المنتوجات السريعة التلف، ومعايير التخزين والتبريد والغسل والتلفيف والنقل والمراقبة واعتماد نوعية الصناديق المستعملة في عملية التسويق وغيرها.

 

وشدد على أن مناقشة هذا التقرير “يأتي في وقت مطبوع بالعديد من الاختلالات على مستوى سلاسل الإنتاج”، مؤكدا أن مخطط الجيل الأخضر يجب أن يستحضر الإكراهات التي تعرفها المنظومة الفلاحية، في علاقتها بأمننا الغذائي.

 

أما فريق التجمع الوطني للأحرار، فسجل أن تقلبات الأسعار وتداعياتها السلبية تتداخل فيها أبعاد متعددة، ابتداء من ارتفاع تكاليف المُدخلات الفلاحية وتعدد المتدخلين في تسويق المنتجات الفلاحية وانتشار المضاربة وسلوكيات الاحتكار وتقادم الأنظمة المتصلة بالأسواق الجملة، ناهيك عن تفكك الترسانة القانونية والتنظيمية التي باتت عاجزة عن مواكبة التحولات الكبيرة.

 

وشدد على أن تأمين شروط الاكتفاء الذاتي والاستدامة الغذائية أحد ركائز السيادة الوطنية التي نبه لها صاحب الجلالة خلال خطاب افتتاح السنة الأولى من الولاية التشريعية الحادية عشر، وسجل أن كل الحقائق الموضوعية تقول إننا من ناحية السياسة الفلاحية قد حصّنا مستقبل الأجيال من تقلبات الحاجة إلى الغداء، لكن بالمقابل سجل أيضا أن مناطق عجز حقيقي برزت في السياسة الغذائية، داعيا الحكومة إلى التعجيل بإقرار منظومة وطنية لتخزين المنتجات الأساسية.

 

وحمل تقرير المهمة توصيات متعلقة بالفاعلين في قطاع التسويق وتوزيع المنتجات الفلاحية، إذ طالبت بضرورة دعم الفلاح ليواجه ارتفاع أسعار المواد الأولية (الأسمدة، الطاقة) المستعملة في الأنشطة الفلاحية وتكاليف التلفيف، في مقابل التزامه بإنتاج كميات معينة من المنتوجات الفلاحية، وتنظيم الوسطاء وتجار نصف الجملة داخل أسواق الجملة من خلال منح صفة التاجر المتضمنة في مدونة التجارة.

 

كما أوصى بالاستغناء عن مهنة الوكيل داخل أسواق الجملة لعدم تقديمه لأي خدمة للتجار أو المنتجين مقابل السومة التي يحصل عليها، وتخصيص دعم للمتدخلين في عملية التلفيف والتخزين والتبريد والتفريغ داخل أسواق الجملة، وتحفيز المنتجين والتجار فيما يتعلق بنقل المنتوجات الفلاحية في إطار عقود برامج.

 

وأوصت بإحداث بورصة لمختلف المنتجات الفلاحية في جميع الجهات، لمواكبتها وعرضها وتتبع أسعارها في مختلف مراحل سلاسل التوريد، من خلال منصات مخصصة لتسويق المنتوجات الفلاحية تمكن المنتج والتاجر والمستهلك من معرفة نوعية المنتوجات وأثمنتها.

 

ودعت إلى ضرورة إخراج قانون جديد يفرض دخول جميع المنتجات الفلاحية لأسواق الجملة ويضبط مراقبة مسار تسويق وتوزيع هذه المنتجات، وتدخل الوسطاء في مراحل التسويق.

 

كما أوصت بتوسيع اختصاصات المؤسسة المستقلة لمراقبة وتنسيق الصادرات، مع إعادة هيكلتها لتشمل مهمة تنظيم قطاع المنتجات الفلاحية الموجهة للتسويق الداخلي إلى جانب الموجهة للتصدير، أو خلق هيئة جديدة بين وزارية تحت إشراف رئيس الحكومة تختص بتنظيم التسويق المحلي للمنتجات الغذائية.

 

ورأت أنه من الضروري تغيير وتحيين قانون 1962 المنظم لمهنة الوكلاء داخل أسواق الجملة للخضر والفواكه حتى يتلاءم مع متغيرات عمليات التسويق التي لم يعد يستوعبها القانون، وإحداث إطار قانوني خاص بالمنتوجات السريعة التلف، بما يضمن جودة المنتجات الفلاحية والسلامة الصحية.

 

من التوصيات، أيضا، إعادة هيكلة وعصرنة أسواق الجملة للخضر والفواكه بجعلها أسواق نموذجية، والتوجه نحو اعتماد آليات الحكامة في تسيير عمل الأسواق النموذجية وفق مقاربة تشاركية، والعمل على إعادة توزيع أسواق الجملة للخضر والفواكه والأسواق الأسبوعية، وتأهيلها ببنيات للتخزين والتبريد والغسل والتلفيف بما يحد من التلف السريع للمنتوجات الفلاحية.

 

وأوصت كذلك بعصرنة أسطول الشاحنات والمركبات الخاصة بنقل البضائع وتجديدها وضمان توفرها على وحدات للتبريد والتخزين، لتقليص نسبة التلف، وتأهيل بنيات التبريد بالموانئ المستقبلة للمنتوجات الفلاحية المستوردة بما يضمن شروط السلامة الصحية.