جريدة أرض بلادي-ليلى التجري-
بقلم الأديب مصطفى لغتيري-
قريبا جدا:
إلا الحنين
ديوان جديد للشاعرة زوبيدة أوبحو.
تقديم مصطفى لغتيري.
منشورات غاليري الأدب..
تقديم
تدريجيا أصبح لشعر الهايكو مكانة متنامية في الوطن العربي من الماء إلى الماء، تشهد عليها النصوص التي يبدعها تباعا شعراء من شتى الاقطار العربية ، علاوة على الندوات والمجلات التي تحتضن مقالات ونصوصا، ولت وجهها قبل الذائقة الشعرية في بلاد باشو صاحب النص الجميل:
الخريفي
تشردت طوال الليل
حول البحيرة
وقد كانت التجربة المغربية في هذا الصدد مميزة ساهمت في بلورتها مبدعون عديدون، نحتوا بإزميل البهاء نصوصا جميلة، لاقت الإعجاب محليا وعربيا، ومنها ما ترجم إلى لغات عالمية، ومن هؤلاء شاعرة الصويرة ونورستها، التي عودتنا على نشر نصوصها الجميلة، التي جمعت بعضها في ديوانها “وجع الصدى” الذي لقي رواجا واحتفاء مستحقا في اكثر من مدينة.
واليوم تأبى الشاعرة زبيدة إلى ان تنير درب الإبداع بشمعة جديدة اختارت لها اسم “إلا الحنين”.. ديوان شعري يضم بين دفتيه عددا كبيرا من النصوص التي ظلت وفية في شكلها ومضمونها لروح الهايكو كما عرفناه عند الرواد، مع انفتاح على ما يحققه الشعر عموما خاصة على مستوى الرؤيا الشعرية وتوظيف الصورة الشعرية، التي يبدو أنها من خصائص الشعر العربي عموما، الذي لا يستقيم له وجود دون ان يترصع بالإستعارة بشتى تعابيرها.
في هذه القصائد نجد هموم الذات حاضرة، فالشاعر لا يمكنه ان يتجاهل ذاته وهو يحبر كلماته، فالذات غالبا ما تكون المحور والبوصة التي توجهه، تقول الشاعرة:
تبدو الرّيّاح
في لحظات الحزن
عواصف
كما ان مشكل الهوية الذي يعتبر معضلة اساسية لدى الكاتب عموما والشاعر خصوصا حتى ان هناك من ذهب من الشعراء إلى اعتبار اللغة هويته الخاصة التي لا يبغي عنها بديلا، تقول الشاعرة:
رغم أنفي
كلُّ التّفاصيل الصّغيرة
هويّتي
هذا الاهتمام بالتفاصيل حدود الهوس هو ما يميز الادباء عموما والشعراء ضمنهم، لذلك يؤثر ذلك على تصورهم لذواتهم وللعالم من حولهم فتصبح تلك التفاصيل هي المنظار الذي يطلون منه على كثير من القضايا. كما نجد الوطن قد اخذ قسطا من اهتمام الشاعرة لكنها ظلت وفية لرؤيا المتميزة برصد التفاصيل، تقول الشاعرة:
في انتظار الزبائن
يضع عدّته على جريدة الوطن
ماسح الأحذية.
فالوطن لا تطل عليه الشاعرة إلا من خلال همومه، التي قد تبدو لغيرها صغيرة، لكنها في تقديرها المنسجم مع نظرتها الإنسانية، فإنها كبيرة وثقيلة في الميزان.
وكعادتها التي دأبت عليها لم تبتعد الشاعرة عن الهموم القومية المتمثلة في قضية فلسطين، فخصتها ببعض النصوص ومنها قولها:
زخّات المطر
من سماء غزّة
تُحيّي الشهداء
هذا فضلا عن البعد الإنساني الذي وجد له مواطئ قدم في الديوان من خلال الاحتفاء بموضوعات ذات طبيعة إنسانية كالأم مثلا، تقول الشاعر:
قبيل الإفطار
تستنشق عبير أمي
كل الحواس
ّلكل ذلك ولغيره يستحق منا هذا الديوان الإصغاء العميق لدبيب قصائد الهايكو وهي تحفر عميقا في أرض المعنى دون ان تخدش جناح فراشة تحلق في اجواء هذه الزهور اقصد القصائد.