جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

أكد الدكتور طارق اتلاتي، رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، أنّ الرؤية الملكية السديدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله أرست معالم خارطة طريق واضحة لتنزيل مشروع الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، باعتباره الحل الواقعي والنهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وأوضح د. اتلاتي أنّ المغرب، في ظل التحولات الجيوسياسية التي يعرفها الفضاء المغاربي والإفريقي بل والعالمي، يواصل بقيادة جلالة الملك تعزيز حضوره الدبلوماسي وترسيخ مقاربته السيادية لمعالجة ملف وحدته الترابية. وهي مقاربة، يضيف المتحدث، حوّلت قضية الصحراء من نزاع إقليمي مفتعل إلى مشروع وطني استراتيجي يقوم على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وترسيخ الاستقرار، وبناء شراكات دولية وازنة.
وأشار اتلاتي إلى أنّ إطلاق النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية سنة 2015 شكّل نقطة تحول مفصلية، إذ قدمت الدبلوماسية الملكية نموذجاً ناجحاً في “القوة الهادئة والفعالة”، من خلال توسيع دائرة الاعتراف الدولي بمبادرة الحكم الذاتي، التي صُنّفت من قبل مجلس الأمن وقوى دولية مؤثرة باعتبارها «مقترحاً جاداً وذا مصداقية».
وأضاف أنّ هذا التوجه الاستراتيجي لم يكن نتاج ظرفية سياسية، بل هو امتداد طبيعي لرؤية ملكية حصيفة آمنت بأن تنزيل الحكم الذاتي هو السبيل الأمثل لإنهاء النزاع المفتعل وبناء فضاء مغاربي مستقر قائم على التعاون والتنمية المشتركة.
كما استحضر الدكتور طارق اتلاتي ما جاء في الخطب الملكية السامية التي تؤكد أنّ القضية الوطنية ليست فقط قضية الدولة، بل قضية الملك والشعب، وهو ما أسهم في تعزيز التعبئة الوطنية الشاملة، وفتح المجال أمام المؤسسات العمومية والهيئات المدنية والاقتصادية للمساهمة في تكريس هذا الاختيار الاستراتيجي.
وعلى مستوى الدبلوماسية الميدانية، أبرز المتحدث أنّ افتتاح أزيد من 30 قنصلية عامة بكل من العيون والداخلة شكّل تحولاً تاريخياً جعل من الأقاليم الجنوبية منصة صاعدة للتعاون الإفريقي–الأوروبي، ومجالاً واعداً للاستثمارات الكبرى. كما عززت المشاريع المهيكلة، من قبيل ميناء الداخلة الأطلسي والطرق السريعة والطاقات المتجددة، رؤية المغرب القائمة على ربط الحكم الذاتي بالتنمية والنهوض الاجتماعي.
وشدد اتلاتي على أنّ خارطة الطريق الملكية باتت اليوم واضحة المعالم، وتشمل أربع ركائز أساسية:
1. حكم ذاتي موسّع تحت السيادة المغربية الكاملة.
2. تنمية اقتصادية كبرى تجعل الصحراء بوابة مستقبلية لإفريقيا.
3. مقاربة دبلوماسية ملكية ناجعة تعزز المكاسب وترسخ الاعتراف الدولي.
4. إشراك أبناء الأقاليم الجنوبية في تدبير شؤونهم وتثبيت نموذجهم الديمقراطي المحلي.
وأكد أنّ حكمة التوجيهات الملكية جعلت من مبادرة الحكم الذاتي أفقاً واقعياً قابلاً للتنفيذ، وركيزة لبناء مغرب موحد، قوي، ومنفتح على المستقبل.
وفي ختام حديثه، أبرز د. اتلاتي أنّ هذا الزخم الملكي الكبير والمتواصل يستوجب مواكبة فكرية وميدانية رصينة، تجسدت في مبادرة “خيمة المواطنة والتفكير”، وهي مبادرة انطلقت قبل خمس سنوات من معبر الكركرات، ثم من مدينة الداخلة، لتحطّ الرحال اليوم في العيون وبوجدور تحت شعار:
“الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية… من التصور الاستراتيجي إلى الأجرأة”.
وتشهد هذه الدورة فعاليات متواصلة من 25 إلى 30 نونبر، بمشاركة نخبة من الباحثين والفاعلين، ترسخ جميعها الإيمان المتجدد بخيار الحكم الذاتي كأفق وحيد لضمان الاستقرار والتنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
