ذاكرة مثقلة بالدم وحقوق معلّقة في رفوف النسيان

جريدة أرض بلادي -/ بقلم العيرج ابراهيم ابن شهيد حرب الصحراء المغربية

في رمال الصحراء المغربية، حيث احتدمت المعارك وارتوت الأرض بدماء الأبطال، يرقد آلاف الشهداء الذين قدّموا أرواحهم دفاعاً عن وحدة التراب الوطني. كانوا شباباً في ريعان العمر، تركوا وراءهم أمهات ينتظرن عودتهم، وأرامل يربين أبناءهم على ذكراهم، وأوطاناً ظنوا أنها ستحتضن أسرهم بوفاء يليق بتضحياتهم. لكن الحقيقة اليوم مُرّة: حقوق كثيرة لا تزال معلقة، ووعود لم تتحقق، وأسرٌ ما زالت تعيش مأساة التهميش والنسيان.
الشهيد… قصة توقفت في ميدان المعركة
الشهيد لم يكن مجرد جندي يحمل سلاحاً. كان ابناً باراً، وأباً حنونا، وأخاً سنداً. استشهد وهو يردد “الله، الوطن، الملك”، مؤمناً أن دمه سيصون الأرض والعرض، وأن أسرته ستعيش مرفوعة الرأس تحت راية الاعتراف والكرامة. لكن، حين خبت أصوات الرصاص، بقيت صرخات أرامل الشهداء وأيتامهم تتردد في صمت، لا يسمعها إلا من امتلك قلباً حياً.
المسؤولية التاريخية الثقيلة
من العار أن تمر أكثر من أربعة عقود على حرب الصحراء، وما زال الكثير من أسر الشهداء ينتظرون إنصافاً يليق بتضحيات أحبّتهم. هذه ليست مجرد قضية اجتماعية، بل مسؤولية تاريخية تُثقل كاهل الدولة والمجتمع معاً. فكيف لأمة أن تتحدث عن التنمية والديمقراطية وهي لم تُصفِّ بعد ملف أوفى أبنائها؟
بين الشعارات والواقع المرّ
ترفع في المناسبات شعارات تمجيد الشهداء، ونُزيّن بهم الخطب الرسمية، لكن الواقع يكشف هوة عميقة بين القول والفعل، فأراملهم وأيتامهم لا زالوا يواجهون الفقر والإقصاء؟ أليس من حقهم أن يكونوا في صدارة أولويات السياسات العمومية، باعتبارهم امتداداً لتضحية الشهداء؟
النداء الأخير
اليوم، لم يعد الصمت مقبولاً. لا المسؤولون ولا المثقفون ولا الإعلام يمكنهم أن يتنصلوا من هذه القضية. إنها ليست مجرد صفحة من الماضي، بل امتحان أخلاقي وحضاري يحدد مدى وفائنا لتاريخنا. شهداء حرب الصحراء المغربية أدوا رسالتهم حتى النهاية، وها نحن اليوم نقف أمام سؤال وجودي: هل سنؤدي نحن رسالتنا تجاههم وتجاه من بقوا خلفهم؟
إنها لحظة الحقيقة… إمّا أن نختار الإنصاف ورد الاعتبار، وإمّا أن نحمل وصمة الخيانة أمام التاريخ وأمام الأجيال القادمة.