رمضان كريم ( 7) حريرة الدوار “عبد العزيز حنون”

جريدة ارض بلادي- رضوان جميلي-

كانت الوجبة الرئيسية في الافطار تتشكل من الحريرة بالطماطم والحمص المفسخ. كانت عملية سلخ الحمص من غشائة تتطلب وقتا طويلا حيث يتم الضغط على حبة الحمص “المرقد” فيبرز شقا الحبة من داخل الغشاء.. بعض الاحيان لتفادي تشويشاتنا كانت تكلفنا الوالدة رحمها الله بهذه المهمة، وهي عملية مسلية. كان يثيرني منظر كومة الغشاءات التي يميل لونها لبياض الثلج التي ترمى جانبا بعد وضع الحبات الصفراء فاقعة اللون في إناء .. عملية الفرز هذه بالتأكيد لها فعل إيجابي نفسي، تحفز الجهاز العصبي وتعلم التأني والصبر الذي كان ينقصنا.. أحيانا كنا نغادر العملية في نصف المهمة . ” آميمتي على من معولين صافي عا نوض سير تلعب” تعلق الوالدة رحمها الله وتكمل ما بقي٠

 

كانت رحمها تطحن الطماطم اللذيذة في الحكاكة أو الطحانة اليدوية . كانت بين الفينة والاخرى، لما يتاح اللحم، خصوصا في ذلك اليوم المتميز، يوم السوق الاسبوعي، تهيء بعض قطع الكباب لحما و شحما، تضيفها في الحريرة و معها بعض العظام التي تترك بنة خاصة . كانت لدي علاقة خاصة مع عظام الحريرة. كنت “أكوكط” عليها بالمغرفة واحتوشها.

 

أيضا كان يتم تهييء “الربيع” المکون من القزبر والمعدنوس و أيضا تلك النبتة العجيبة المسماة كرافس ذات الطعم و الرائحة الخاصين.. أثناء التقطيع بالسكين” تكراد الربيع” تشم رائحة هذا الخليط من بعيد. الكرافس تترك رائحة و بنة لذيذة، لكنها متهمة أنها تبعث على النعاس والتكاسل ليلا. فكان كل من يظهر عليه العياء في التراويح يقال له أكثرث من الكرافس، يعني شربت عدة ”جبانيات“ من الحريرة المهيأة بالكرافس ولم تقتصر على واحدة فقط.

 

المكون الثاني لوجبة الفطور هي القهوة بالحليب الطبيعي الطازج. القهوة كانت تجلب حبوبا غير مطحونة من السوق الاسبوعي ومعها جميع المكونات الاخرى المنسمة، والتي تضم بعض الجذوع والأوراق العطرية وحبوب أخری مخصصة لذلك. خليط يدق في المهراز التقليدي، عادة يكون من النحاس وهناك من يستعمل الحديدي أيضا، حتى تصبح مسحوقا متجانسا وتوضع في اناء مقفل ” الحک“ کي تحافظ على طراوتها و رائحتها الطيبة.

 

الحليب يجلب من التعاونية الفلاحية التي تجمع الحليب على طول السنة من الفلاحين الصغار لفائدة شركة تعليب الحليب في الجديدة. لكن في رمضان يتم تخصيص جزء من المحصول للاستهلاك المحلي..كنا نؤدي بعض الدراهم مباشرة لمسير التعاونية، ثمن مقبول اجتماعيا وقتئد، و يملأ لنا قنينة لتر ونصف. نصفها لتهييء القهوة والنصف الآخر نتركه يروب٠

 

الخبز الطبيعي على شكل مسمن او بغرير لا بد منه ايضا الشباكية كانت تهيؤها النساء في البيت و يصنعن العسل بالسكر لتحليتها .. كأس شاي ضروري لختم وجبة الفطور. بعد صلاة التراويح تكون وجبة العشاء بالمرقة وبشكل يومي لمن استطاع إليها سبيلا، اقصد ان بقيت لك قدرة على الاكل لأن حريرة الدوار تثقل و تقفل الجهاز الهضمي حتى مطلع الفجر.