جريدة أرض بلادي- عبد الفتوح كريمة –
تعود العلاقات بين المملكة المغربية وروسيا إلى أكثر من قرنين، حيث وضعت أسسها على مبادئ الثقة والتفاهم المتبادل. ومع تطورها عبر مراحل تاريخية متباينة، بات هذا التعاون يعكس شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد تشمل السياسة والاقتصاد والثقافة، وتتكيف باستمرار مع المتغيرات الدولية المعاصرة.
انطلاقة تاريخية لعلاقات دبلوماسية مميزة
تعود بداية الروابط الرسمية بين الرباط وموسكو إلى عام 1777، حينما لعب ممثل روسيا في إيطاليا دور الوسيط بين السلطان المغربي محمد الثالث والإمبراطورة الروسية كاترين الثانية. وقد جاء هذا التقارب بمبادرة من السلطان الذي اقترح فتح قنوات للتجارة والدبلوماسية، وهو ما مهّد الطريق لتأسيس علاقة مبنية على الاحترام المتبادل. ومن العوامل التي ساهمت في توطيد هذه العلاقة، غياب الطموحات الاستعمارية الروسية في شمال إفريقيا، الأمر الذي عزز ثقة الجانب المغربي في النوايا الروسية.
التمثيل الدبلوماسي بين طنجة وسانت بطرسبورغ
في 20 أكتوبر من عام 1897، افتتحت روسيا أول قنصلية لها في مدينة طنجة، بعد تأجيل نجم عن ظروف مالية وسياسية داخلية. وبعد عامين، أرسلت موسكو بعثة دبلوماسية رسمية بقيادة فاسيلي رومانوفيتش، الذي قدم أوراق اعتماده إلى السلطان المغربي، تأكيدًا على رغبة روسيا في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون الثنائي.
من الحرب الباردة إلى الشراكة متعددة الأبعاد
شهدت العلاقات المغربية الروسية تطورًا لافتًا في النصف الثاني من القرن العشرين، خاصة بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والاتحاد السوفيتي عام 1958. ومنذ ذلك الحين، واصلت روسيا، بصفتها الدولة الوريثة للاتحاد السوفيتي، توسيع آفاق التعاون مع المغرب، خاصة في ظل دعمها للرباط في مواقفها السياسية إزاء بعض القوى الأوروبية، وهو ما أرسى أسس شراكة متينة استمرت لعقود.
آفاق التعاون في 2025: رؤية استراتيجية مشتركة
في العام 2025، تتجلى قوة العلاقات المغربية الروسية في سلسلة من المبادرات والمشاريع المشتركة، والتي تعكس توافقًا في الرؤى على مستوى السياسة الدولية، وتعاونًا متزايدًا في المجالات الاقتصادية والثقافية. ويُظهر البلدان التزامًا متبادلًا بتعزيز التعاون الثنائي في مواجهة التحديات العالمية، بما في ذلك قضايا الأمن الغذائي، والتغيرات المناخية، والتحولات الجيوسياسية.
خاتمة
إن العلاقات المغربية الروسية ليست مجرد تقارب دبلوماسي عابر، بل هي شراكة تاريخية متجذرة تواصل البناء على أسس صلبة من الثقة والمصالح المتبادلة. وبينما يواجه العالم تحولات عميقة، يثبت البلدان أن الحوار والتعاون يمكن أن يشكّلا نموذجًا فاعلًا في العلاقات الدولية المعاصرة .