*** قبل الانصراف *** بقلم : رحال لحسيني

جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

طفل يحمل حقيبة على كتفيه الصغيرين، يترنح في مكانه كأنه يطلب شيئا ما.

على بعد خطوات من محل بيع “أدوات مدرسية” مكتظ بالزبائن.

 

الطفل يصرخ بشدة، ثم ارتمى أرضا فوق رصيف مغبر.

***

 

سيدة في مقتبل العمر، أمه تقريبا، تحاول تهدئته، وتسعى لحمله بين ساعديها المثقلين بحاجيات أخرى.

 

تكرر المحاولة ومناشداتها إليه بالهدوء.

يبكي، يتمرغ، ولا يستجيب لعروض ووعود تقدمها إليه.

 

صوتها يرتفع تدريجيا،، صرخت وشدت خناقه ورفعته بيد إلى الأعلى حتى كاد يقف مضطرا، وهوت عليه بالأخرى بصفعة أثارت انتباه واشمئزاز بعض المارة.

 

الطفل كأنه يطير، يركض أمامها تاركا زوبعة من تراب متطاير خلفه.

***

لم يظهر سبب عويله.

التعب باد على محيا السيدة.

 

شاب قال لمرافقه بحزن:

– الضغط الذي تتعرض له هذه الأم جعل مقولة “العلاج بالكي” وصفة قائمة الذات.

يجيبه:

– للأسف نتيجة لأزمة متجددة،، لا زالت كامنة في التربية على الغبن.

***

 

بدأت تندب حظها، وتولول:

– يا “ابن الحرام”… يا “ابن الحرام”… وسقطت أرضا.

تخبط بيديها على التراب وتارة تلطم بهما على وجهها.

 

رمت غطاء شعرها، وشدته بعنف. تطايرت شعيرات منه. جلست على ركبتيها، كأنها تستعد للسجود.

 

نساء تحاولن تهدئتها ومساعدتها على الوقوف.

رجل يطلب منهن تغطية رأسها.

 

الطفل يعود إلى جوارها، ويقف صاغرا، بعد لحظات.

ثم يمسك خصر جلبابها مذهولا.

***

 

تستعيد بعض وعيها. تربت على رأسه بهدوء.

تضمه لصدرها، تقبله على خده، وتوشوش له بلطف:

– كل ما كان معي أنفقته… (وأضافت) غدا غدا، أجلب لك ما تريد.

 

تقف، تحاول نفض الغبار عنهما، تعيد ترتيب شكلها الخارجي، تنحني قليلا لسيدات انتبهت لوجودهن بجانبها.

 

أحكمت يدها على يد طفلها… وانصرفا.