“كليات الطب الخاصة… حين يتحول حلم المستقبل إلى كابوس مالي وأخلاقي!”

جريدة أرض بلادي – بقلم الاستاذ : عبد المجيد العزيزي

بين طموحات الطلبة وتضحيات الآباء، ترسم قصة الالتحاق بكليات الطب الخاصة في المغرب مشهداً معقداً تتداخل فيه المعاناة المالية، وغموض المساطر، وانعدام المحاسبة. فبعد اجتياز امتحانات البكالوريا بنجاح، يتجه كثير من التلاميذ نحو التسجيل في كليات الطب الخاصة، تحت ضغط الوقت والرغبة في ضمان مقعد دراسي، غير مدركين أن هذا المسار قد يتحول إلى معاناة قانونية ونفسية طويلة.

 

واحدة من أبرز هذه الحالات ما وقع بالجامعة الخاصة بمراكش (UPM)، التي ترفض إلى اليوم إرجاع مستحقات سنة دراسية كاملة بلغت 130,000 درهم، تم أداؤها مسبقاً عند التسجيل. ورغم تعهد المؤسسة بإرجاع المبلغ كاملاً في حال تم القبول في كلية الطب العمومية، فإنها لم تلتزم بذلك، متجاهلة المذكرة الوزارية رقم 01/0714 الصادرة بتاريخ 21 يونيو 2024، والتي تنص بوضوح على حق الآباء في استرجاع كافة الرسوم دون قيد أو شرط، بمجرد تقديم شهادة التسجيل في كلية الطب العمومية.

 

الأدهى من ذلك أن الجامعة برمجت مباراتها قبل مواعيد مباريات كليات الطب العمومية، في خطوة فُهم منها دفع الأسر للتسجيل السريع وتحمل الأعباء المالية الباهظة، دون ضمانات حقيقية. ورغم مرور أكثر من تسعة أشهر من المحاولات الجادة من طرف الآباء، أفراداً وجماعات، وسلكهم كافة القنوات الإدارية والقانونية، فإن إدارة UPM لا تزال تلتزم الصمت، متجاهلة حقوق المواطنين الذين وضعوا ثقتهم في مؤسسة معترف بها من طرف الدولة.

 

وفي المقابل، قامت جامعات خاصة في مدن مغربية أخرى بإرجاع المبالغ لأصحابها فور نجاح أبنائهم في المباريات العمومية، وتسجيلهم بكليات الطب التابعة للدولة، ما يضع جامعة مراكش أمام تساؤلات حقيقية حول احترامها للضوابط القانونية والأخلاقية.

 

هل هو استهتار بمواطنين اختاروا الطريق المشروع لضمان مستقبل أبنائهم؟

هل هو تحدٍّ لقرارات الدولة ومذكراتها الوزارية؟

أم هو استغلال لاضطرابات السنة الماضية التي عرفتها كليات الطب العمومية بسبب الإضرابات، لفرض أمر واقع على الأسر؟

 

من يحمي الأسر المغربية من تعسف بعض المؤسسات الخاصة؟ وأين دور الدولة في فرض احترام قراراتها وإنصاف مواطنيها؟