معضلة القراءة في بلادنا

 _جريدة أرض بلادي_ الدار البيضاء
مصطفى لغتيري _
آمنت دائما بأن معضلة القراءة في بلادنا مفتعلة، ولاتعبر بحق عن أزمة عميقة لا يمكن التعاطي معها وحلها، فالمغرب رغم ظروفه الصعبة يتوفر على بنيات محترمة، يمكن استثمارها من أجل رواج الكتاب، وجعل القراءة طقسا يوميا في جميع الفضاءات المؤهلة لذلك.. ففي المغرب عدد كبير من المدارس والإعداديات والثانويات، كما أن هناك بلديات تنتشر على امتداد التراب المغربي، وكل بلدية تتوفر على خزانة أو مكتبة عمومية واحدة على الأقل، هذا فضلا عن دور الشباب التي لا تكاد تخلو منها بلدية من البلديات الحضرية، وحتى القروية في بعض الأحيان هذاىفضلا عن دور الطالب والطالبة.. أما عن الجامعات والمعاهد بشتى تخصصاتها، فحدث و لا حرج.
إذا ما فكرت في هذا العدد الجبار من المؤسسات، التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالثقافة، يترسخ في ذهني ووجداني بأن أزمة القراءة هي بالفعل أزمة مفتعلة، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار عدد الكتب، الذي يصدر سنويا في بلادنا، وعدد النسخ من كل كتاب جديد، لذا يكفي أن تقتني كل مؤسسة من هاته المؤسسات نسخة واحدة من كل كتاب جديد، بميزانية لا تتعدى عشاء ليلة واحدة لرئيس تلك المؤسسة مع أحد ضيوفه الموقرين، لنقضي في زمن قياسي على أزمة رواج الكتاب، بل أكاد أجزم أن “أزمة” من نوع آخر ستظهر إلى الوجود، أقصد أزمة خصاص في عدد النسخ، مما ستدفع –لا محالة- دور النشر إلى إخراج المزيد من الطبعات للكتب التي تنشرها .
ماذا نحتاج إذن لتفعيل ذلك؟ فقط نحتاج قانونا يصدر عن البرلمان وينشر في الجريدة الرسمية، يلزم هذه المؤسسات بشراء نسخة واحدة على الأقل من كل كتاب مغربي يصدر حديثا، وتتكفل الجهات الرسمية بالتأكد من ذلك بوسائلها الخاصة، هل هذا أمر عسير ؟هل غير قابل للتحقق؟ هل يحتاج إلى ميزانية لتطبيقه؟ لا أظن ذلك، لذا إذا لم تبادر الجهات الرسمية إلى القيام بهذا الأمر البسيط، سأظل ومعي كثير من المهتمين، على اعتقادنا بأن معضلة القراءة معضلة مفتعلة لأسباب لا يمكن فهمها ولا تفهمها.