ملصق الدورة 25 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة: قراءة فنية ورمزية

جريدة أرض بلادي – عبد الفتوح كريمة –

في كل دورة من دورات المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، لا يكون الملصق مجرد إعلان بصري عن حدث سينمائي، بل هو نص بصري قائم بذاته، يختزل الرؤية الفنية والرمزية التي يسعى المنظمون إلى ترسيخها. ملصق الدورة 25 (17 – 25 أكتوبر 2025) يختار صورة مألوفة للمغاربة، لكنها في عمقها تفتح باب التأويلات المتعددة حول حاضر ومستقبل السينما الوطنية.

 

 

علي حسن… الناشر الأول لثقافة السينما في البيوت المغربية

 

الملصق يستحضر صورة الممثل علي حسن، الذي ارتبط اسمه بأدوار خالدة في السينما والتلفزيون. هذا الحضور ليس اعتباطياً، بل هو تكريم لشخصية ظلت شغوفة بالسينما، وواحدة من الوجوه التي أدخلت الثقافة البصرية إلى بيوت المغاربة عبر الشاشة الصغيرة والكبيرة. علي حسن هنا ليس مجرد رمز فردي، بل تجسيد لذاكرة جماعية تؤمن بأن السينما المغربية كبرت وترسخت بفضل جيل مؤسس.

 

 

الماضي حيّ في الحاضر… والسينما في مسار تطور

 

اختيار صورة علي حسن لا يعني أن السينما المغربية أسيرة للماضي أو دليلاً على أفولها، بل هو تأكيد على أن الصناعة الوطنية تعيش مسار تطور مستمر، دون أن تتنكر لإرثها التاريخي. الملصق يذكّر بأن أي مستقبل سينمائي لا يمكن أن يُبنى إلا على تراكمات الماضي، وعلى وجوه صنعت ذاكرة المشاهد المغربي.

 

 

علي حسن يرى المستقبل… تنزيل القانون 18.23

 

من يمعن النظر في تفاصيل الصورة، سيلاحظ أن علي حسن يتأمل الأفق من وراء مقود السيارة. إنها استعارة بصرية للمستقبل: مستقبل السينما المغربية وقد بدأت فعلاً في تنزيل القانون 18.23، الذي يفتح المجال أمام مهن جديدة داخل القطاع السينمائي، ويوسّع قاعدة الممارسين بما يستجيب لتحولات السوق العالمية. الملصق يضع علي حسن في موقع السائق، كأن السينما المغربية هي المركبة التي تتجه بثقة نحو المستقبل.

 

 

صورة مرسومة بروح أفلام التحريك

 

الملصق نفسه مُعَدّ بتقنية الرسم التي تستحضر روح أفلام التحريك (Animation)، وهو خيار بصري ذكي يعلن عن مرحلة جديدة للسينما المغربية. فالمغرب، الذي حضر في مهرجان أنسي الدولي للتحريك، بات يفتح أبوابه لإنتاج هذا النوع من الأفلام. وليس صدفة أن مشاورات إعداد القانون الجديد أنصتت لمهنيي التحريك، ما يترجم وعياً مؤسساتياً بأهمية هذا القطاع.

 

حضور صناع التحريك وألعاب الفيديو بالـ FNF

 

وحسب مصادر من داخل المهرجان، فإن مشاركة صناع أفلام التحريك وألعاب الفيديو كضيوف أو كعارضين في الدورة 25، دليل آخر على أن الصورة لم تُختَر اعتباطاً، بل جاءت انعكاساً لرؤية جديدة تعتبر أن السينما المغربية لا يمكن أن تنفصل عن الصناعات الإبداعية المتصلة بها، مثل التحريك وصناعة الألعاب.

 

 

المرسوم الجديد ورخصة أفلام التحريك

 

من جهة أخرى، جاء مرسوم الإنتاج السينمائي ليمنح رخصة التصوير أيضاً لأفلام التحريك، وهو تحول قانوني ومهني كبير يفتح الباب أمام الاعتراف الرسمي بهذه الصناعة. كما أن بطاقة “المهني السينمائي” مرشحة لأن تشمل صناع أفلام التحريك قريباً، ما يمنحهم وضعاً اعتبارياً يليق بدورهم في المنظومة.