مونديال قطر …مونديال عجيب واستثنائي.

بقلم :عبد اللطيف بوهلال

 

مونديال قطر 2022 عجيب و استثنائي فعلا من كل النواحي : النتائج ، طريقة اللعب ، المفاجآت ، تغير النظرة النمطية عن بعض المنتخبات ، سقوط هيبة بعض الكبار ، الأجواء العامة و ما رافقها من يافطات إيديولوجية و توسلات عرقية و شطحات دينية و خطابات أخلاقية و إنسانية ، ظلال صراع ثقافي و حضاري تطفو بعض فقاعاته إلى السطح.

أما العرب فلم يسموا عبثا هذا المونديال بمونديال العرب ، لقد دخلوا غماره لأهداف وجوانب وجدانية كثيرة بعيدة كل البعد عن مجرد خوض مباريات في كرة القدم ، كأنه فرصة لإثبات الذات ، موعد لمحاولة إبهار العالم لأول مرة خارج المألوف بدل أن يكونوا الطرف المنبهر كالعادة .

البحث عن انتصار جماعي و لو كان معنويا كتعويض عن شعور فادح بالهزيمة ،  بروز ” الخصوصيات الثقافية المحلية ” ، بل و فرضها على الآخرين و لو مؤقتا و بشكل عابر ،  كمحاولة لتسجيل نقاط في حلبة الحضارة و لو على شكل تحد طفولي مطلق في اللحظة وما يليها، ثم بعد هذا كله ، لماذا لا نلعب الكرة و نفوز داخل الملعب أيضا  ؟

العرب دخلوا هذا المونديال بصيغة ( نحن )، دخلوا كأمة تمثلها أربعة منتخبات  و ( الآخر ) كذلك لم يكن بريئا من أنانيته و عجرفته و ازدواجية معاييره الفكرية والثقافية ولما الدينية أيضا.

عن هذا المونديال الأعجوبة كتبت مجلة ” فاننشال تايمز ” مقالة حول :  كيف أدى التعالي والتنمر الأوروبي إلى توحد العرب ووقوفهم صفا واحدا، تنقل المقالة التقرير بمشاهد تلك الوحدة مثل اعتبار المشجع العربي كل فريق “عربي” ممثلا له في البطولة كذلك  احتفال العرب ب ” صيادي العمالقة ” ،   تعبير الصحيفة يقصد اصطياد السعوديين للأرجنتينيين والمغاربة للبلجيكيين ، تحدث المقال أيضا عن مقاطعة العرب للصحافة الإسرائيلية واحتفاؤهم بالمقاطعة على السوشيال ميديا زد توحد العرب ، شعبيا و سياسيا ومؤسساتيا في الموقف من الترويج لشعارات المثلية  : من موظف في المغرب إلى مفتي في اليمن ، كما قال صاحب المقال بالضبط و في النهاية يذكر المقال بأن هذه الاحتفالية الكروية بدت كمواجهة ثقافية حقيقية ، رفع شعارات فلسطين ، المساندة الهيستيرية لكل فريق عربي ينزل إلى الميدان ، الدعاة المنتشرون في الشوارع ، كل ذلك يحول هذا المونديال إلى شيء لا يشبه دوري كرة قدم .

حقيقة لا أستطيع أن أعطي حكما قادحا أو مادحا فيما جرى  – و لا زال يجري  – خلال هذا المونديال الغريب ، و لكن الأكيد طبعا أن قطر قد نجحت – إلى جانب تنظيم محفل كروي عالمي باذخ – في صناعة الكثير من الهالات الإضافية حوله  إنها  الدويلة الصغيرة الثرية التي لا تتعدى حبة عدس على خارطة الدول العربية ، تختزل كل عقد و أحلام و تناقضات هذه المنطقة المجنونة.

وخلاصة يكفيني القول أن ما لا يأتي بالمال، قد يأتي بالكثير منه .