وتتوالى هزائم النظام الكرغلي

بقلم : عبد اللطيف بوهلال

لقد عانى النظام الجزائري من خيبة أمل أخرى منذ استعادة مالي لولاية كيدال ولم يرتبط هذا النصر بالجزائر، التي تسعى للتألق دبلوماسيا في القارة الإفريقية، فقد رأت فرصة لا مثيل لها ليس فقط تمر تحت أنفها، والأسوأ من ذلك أن دولتين وضعتاها جانبا طوعا إشارة قوية تدل على عدم الثقة في هذا البلد الذي لا يعتبر شريكا ذا مصداقية.

الأمر يتعلق قبل كل شيء بصورة الجزائر وقوة اقتراحها ووساطتها، وخاصة مصداقيتها التي تضررت منذ استعادة الجيش المالي السيطرة على كيدال في عملية تاريخية أصبحت ممكنة بفضل دعم القوات شبه العسكرية الروسية.

وتمكنت القوات المالية ببراعة من استعادة أراضيها الواقعة في شمال البلاد وغير بعيدة عن الحدود الجزائرية. اختارت مالي، التي أعادت فرنسا بعد عدة سنوات من القتال غير الفعال ضد الجهاديين، أن ترافقها المجموعة الروسية من أجل استعادة السيطرة الكاملة على أراضيها

ومع استعادة كيدال، معقل تمرد الطوارق، دفنت مالي اتفاق السلام لعام 2015 الموقع تحت رعاية الجزائر. وبذلك تفقد البلاد ورقة أساسية كان لها ثقلها على رقعة الشطرنج الدبلوماسية، مما سمح لها بالتباهي بكونها الأب الروحي للسلام.

  لكن ما يكشفه انتصار مالي في كيدال بدعم روسي يظهر شيئاً آخر. وهنا يتعلق الأمر بهبوط الجزائر على يد روسيا التي كانت حتى الآن شريكتها. ولم تر موسكو أنه من المفيد إشراك الجزائر في هذه العملية، عن بعد أو بشكل مباشر، ولا حتى من الناحية الأمنية عبر إيصال المعلومات إليها أو منحها ضمانات أمنية

لم تربط السلطات الروسية بأي حال من الأحوال الجزائر بعملية التدخل العسكري في شمال مالي, موسكو لم تكلف نفسها عناء التنبيه أو الإعلام أو التشاور مع الجزائر”، أكد موقع معلومات مغاربي للاستخبارات، كاشفا عن “الانزعاج الهائل” الذي تعيشه الجزائر بين أجهزة الاستخبارات. 

وتشكل خيبة الأمل هذه إشارة قوية للمجتمع الدولي الذي يرى مرة أخرى عدم الاهتمام بربط الجزائر بأي حدث. يوما بعد يوم، تتلقى الجزائر الضربات دون أن تتوان. وما ذلك إلا نتيجة لسياستها الهدامة وغير العادلة التي تنتهجها في قضية الصحراء. إن المجتمع الدولي يراقب بوضوح الدور الذي تلعبه الجزائر وموقفها الذي لا يليق ببلد محترم.

والملاحظ حاليا أن أجهزة الاستخبارات تشعر بخيبة أمل تامة، وبالإرهاق، وبأنها “مهجورة” في الملف المالي، ولسبب وجيه، وجهت التطورات العسكرية الأخيرة على الجبهة الشمالية لمالي ضربة قاتلة لمصداقية الجزائر

ويفسر ذلك حقيقة أن الجزائر هي المحاور الرسمي للعديد من المجموعات الأعضاء في الإطار الاستراتيجي الدائم، وهو تحالف لجماعات الطوارق المسلحة، حسبما تذكر المخابرات المغاربية.

وبينما قامت الجزائر للتو بتعديل دستورها للسماح لقواتها بالتدخل خارج البلاد، وعلى وجه التحديد لتتمكن من التدخل في بعض البلدان المجاورة، قالت روسيا ومالي “لا” ولن يمنحوا الرئيس عبد المجيد تبون أي فرصة لإلقاء خطابات كبيرة أو مداخلات علنية للادعاء بأنه لعب دورًا أساسيًا في استعادة كيدال.

هذا الموقف أثار استياء الجزائر بشدة، وتعرض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لضغوط من تقارير الأجهزة الجزائرية للمطالبة بتوضيحات من موسكو، بينما يرفض المجلس العسكري الحاكم في باماكو مناقشة موضوع الأمن في شمال مالي مع السلطات الجزائرية.