ارض بلادي -اسماء بومليحة
أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل عن الإطلاق الرسمي لمسار تسجيل عنصر “زليج فاس وتطوان” في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، في خطوة ترسخ حضور المغرب كأحد أبرز البلدان الحاضنة للفنون التقليدية الأصيلة ذات الامتداد التاريخي العميق.
ويُعد الزليج المغربي من أعرق الفنون التي طبعت الهوية المعمارية للمملكة عبر العصور، إذ يشكل أيقونة جمالية تجمع بين الدقة الهندسية والخيال الإبداعي، مما جعله واحداً من أبرز علامات التفوق الفني المغربي فمنذ نشأته، عرف هذا الفن تطوراً لافتاً بفضل حرفيين مهرة حافظوا على أسراره وتناقله جيلاً بعد جيل، ليظل إلى اليوم مرجعاً عالمياً في الإبداع التقليدي.
وتبرز مدينة فاس وتطوان باعتبارهما القلب النابض لهذا التراث الفني العريق، حيث تتزين منازلهما العتيقة، و مساجدهما، ومدارسُهما العريقة وقصورُهما التاريخية بلوحات فسيفسائية تأسر الناظر بتناسق ألوانها ودقة تشكيلها كما تظهر بصمات الزليج المغربي بوضوح في الرباط ومراكش وطنجة ومدن أخرى، لتؤكد وحدة الجمالية المغربية رغم تنوع المدارس والأساليب.
ويبقى سحر الزليج المغربي أحد أهم عوامل جذب الزوار إلى الرياضات التقليدية والمآثر التاريخية، إذ يجد السائح نفسه أمام لوحات فنية متقنة تُظهر مدى عبقرية الصانع المغربي وقدرته على تحويل القطع الصغيرة إلى أعمال فنية تنبض بالحياة.
وتسعى وزارة الثقافة من خلال هذا المشروع إلى تثمين هذا الموروث الاستثنائي والدفاع عن مكانته العالمية، خاصة في ظل الاعتراف المتزايد من طرف الهيئات الدولية بقيمة الفنون التقليدية المغربية كما يهدف هذا المسار إلى تحفيز الصناع التقليديين، وتشجيع التكوين المهني في هذا المجال، وضمان استمرارية هذا الفن في مواجهة التحديات الحديثة.
وفي هذه المناسبة، يحق للمغاربة أن يفتخروا بتراثهم العريق وبإسهامات بلادهم في تشكيل الهوية الفنية المتوسطية والأندلسية والمغاربية كما تُوجّه تحية تقدير لكل الحرفيين والفنانين الذين حافظوا على هذا الإرث، ولكل من ساهم في الدفاع عن حضور الزليج المغربي على الساحة العالمية.
