🏃ذهاب وإياب🚶‍♂️

جريدة أرض بلادي_حبيبة بن الشاكري_

كل صباح تخرج الثامنة بدثارها الأسود لتشم نسائم البرد وتنتعش برذاد الضباب وقطرات الندى،والناس قبلها يخرجون في قطع من الليل تحت أضواء خافتة و أصوات متهامسة وبرد قارس يسارعون الزمن،الأطفال يتوجهون إلى مدارسهم و الكبار كل حسب وجهته بخطى متسارعة لسيارات الأجرة،هذه الأخيرة في صباحياتها تشبه منصة تقديم الأخبار،ففيها تناقش قضايا الساعة،وفيها يقارن شباب اليوم والأمس،ويناقش تاريخ المدينة والطرب الأصيل،وفيها تناقش إشكالية النقل واللوجستيك وتعاد تشكيلة المنتخب الوطني والفرق الرياضية وتدبير الزمن المدرسي،ويناقش تطور الحالة الوبائية وتداعياتها…و…و…وللتلاميذ والطلبة همومهم أيضا.
والسائق يبدو كمدرس بجميع أدواره يساير هذا وذاك ويرد التحية بأحسن منها بابتسامة عريضة،ويغير موجات مذياعه حسب ذوقه حينا و تلبية لطلبات الراكبين حينا آخر،وأحيانا يحكي بعضا من الطرائف التي يصادفها فيضحك الجميع كأنهم في جلسة عائلية،وهكذا ينزل راكب ويصعد آخر حتى نهاية الرحلة.
وفي المساء وجوه شاحبة عابسة وسحنات متعبة أرهقها العمل أو الدراسة،خطوات متثاقلة كأنها قادمة من مكان قصي،حتى الأرصفة أعيا كتفها الوطء والانتظار،شوارع تعج بالدخان وهدير السيارات،منبهات ومدارات مزدحمة….صمت مطبق يكسره أحيانا صوت السائق مناديا أحد أصدقائه من النافذة،أو راكب بقوله:أنزلني هنا…وتمتمات غير مفهومة.
لكن مساءات المطر لها طعم خاص،مطر يغسل القلوب قبل الأرصفة،تبدو الأسارير متهللة والوجوه مستبشرة تبارك لبعضها البعض نزول قطرات الغيث وتحمد الله وترفع الدعوات بالخير للبلاد وأهلها وللأمة الإسلامية،فينزل الراكب مودعا ولسان حاله يقول:على هذه الأرض مايستحق الحياة!😃