جريدة أرض بلادي – شيماء الهوصي –

في حديث حاد ألقته يوم الثلاثاء 11 نونبر 2025، خلال جلسة مناقشة ميزانية وزارة التجهيز والماء داخل مجلس النواب، شنت النائبة نعيمة الفتحاوي، ممثلة عن كتلة حزب العدالة والتنمية، هجوماً شديداً على الحكومة، متهمةً إياها بالفشل في تحقيق أهداف برنامجها ودعم شبكات الفساد وتعزيز آليات الريع.
أوضحت الفتحاوي أن بعض الإجراءات الضريبية والتشجيعية المدرجة في قانون المالية لعام 2025 صُممت خصيصاً لصالح مجموعات اقتصادية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأعضاء الحكومة أو نواب الأغلبية، وهو أمر أثارت حوله تساؤلات كبيرة بشأن تضارب المصالح، مشددةً على أن هذا يدل على انحراف السياسات المالية عن خدمة المصلحة العامة.
ووصفت مشروع القانون المالي بأنه يعكس نقصاً في الرؤى الإصلاحية والابتكارية، محذرةً من أن الحكومة لم تُحقق التزاماتها المسطرة في البرنامج الحكومي للفترة 2021-2026. كما ربطت بين انتشار الفساد المستمر وتقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الفساد، الذي يشير إلى استقرار مؤشر إدراك الفساد (CPI) في المغرب عند 37 نقطة من 100 خلال 2024، معتبرةً ذلك إشارة إلى توقف مقلق في الجهود المضادة للفساد.
أبرزت النائبة أن الفساد وتداخل المصالح يُكلفان الاقتصاد المغربي ما يصل إلى 50 مليار درهم سنوياً، أي ما بين 3,5% و6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذه المبالغ كافية لدعم مشاريع كبرى في التعليم والرعاية الصحية والبنى التحتية. وأكدت بقوة: “كل درهم يضيع في الفساد هو درهم يُسلب من مسيرة التنمية”.
ربطت الفتحاوي انتشار الفساد بانخفاض ثقة المواطنين في المؤسسات، موضحةً أن تضارب المصالح يولد امتيازات غير مبررة لبعض الأطراف، مما يزيد من الفجوات الاجتماعية. وأكدت: “الأموال العامة ليست مجرد أرقام في الوثائق، بل هي دواء للمرضى، وفرص تعليم للأجيال الشابة، وخدمات أساسية تحافظ على كرامة الناس”.
وجهت انتقادات أيضاً للتأخير في نشر برامج الحماية الاجتماعية، مشيرةً إلى أن آلية الدعم الاجتماعي المباشر لم تُطبق بسرعة وفعالية كافيتين، وأن الإجراءات الإدارية المعقدة تحول دون وصول الفئات الضعيفة إلى حقوقهم. وطالبت بتسريع توسيع نطاق المنخرطين في نظم التقاعد وتعويض البطالة، محذرةً من أن العدالة الاجتماعية ما زالت معلقة بالوعود غير المحققة.
في نهاية تدخلها، أعربت الفتحاوي عن إحباطها من عدم وجود تدابير حاسمة في قانون المالية لحماية الشرائح المهمشة أمام ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية، مع انتقاد الاستمرار في الضرائب غير المباشرة التي تُثقل الأسر الفقيرة، مقابل حوافز كبيرة للقطاعات المفضلة.
وختمت بتأكيد أن “المشكلة الأساسية ليست في كمية الموارد، بل في كيفية إدارتها، وغياب الشفافية والإنصاف في توزيعها”، مطالبةً ببدء الإصلاح الحقيقي عبر قطع مصادر الفساد وإنهاء الريع.
