جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

ألقى الفاعل المدني والحقوقي كمال لحبيب، رئيس المرصد الوطني للحماية الاجتماعية والائتلاف المدني للعدالة المناخية، مساء اليوم السبت، محاضرة بعنوان “الحركات الاحتجاجية والسؤال الديمقراطي بمغرب اليوم”، من تنظيم مركز الدراسات التعاونية للتنمية المحلية (سيكوديل) بمدينة الناظور.
وخلال هذا اللقاء الذي سيّره الأستاذ عكاشة بن المصطفى استاذ التعليم العالي ورئيس شعبة القانون العام بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، والمنظم في إطار جامعة قدور المفتوحة تخليدًا لليوم العالمي لحقوق الإنسان، استعرض لحبيب أبرز النقاط المرتبطة بمشروع إحداث جبهة مدنية للمجتمع المدني منخرطة في الشأن السياسي بالمغرب.

وتطرق لحبيب إلى موجة الحركات الاحتجاجية التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة، مرجعًا أسبابها إلى غياب الإحساس بالمساواة والعدل، وارتفاع البطالة، وتدهور أوضاع الصحة والتعليم. كما أكد أن هذه الاحتجاجات لم تعد مقتصرة على المدن الكبرى، بل اتسع نطاقها ليشمل مدنًا صغيرة وقرى أيضًا.

وفي هذا السياق، تساءل المحاضر عن السبل الكفيلة بانتقال المجتمع المدني من مرحلة المتابعة والرصد إلى مرحلة التأثير الفعلي عبر انخراط سياسي واضح، معتبرًا أن محاربة الفقر وتصحيح الاختلالات الاجتماعية لن يتحققا دون مشاركة حقيقية للمجتمع المدني في دينامية هذه الحركات وفي الفعل السياسي.

كما أبرز لحبيب وجود أزمة ثقة بين المواطنين من جهة، والأحزاب والمؤسسات السياسية من جهة أخرى، نتيجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وما وصفه بتقييد حرية التعبير والتضييق على الحقوق. وتساءل: كيف يمكن بلورة فكر سياسي قادر على تقديم أجوبة مقنعة عن الإشكالات التي يعيشها المجتمع في ظل هذا المناخ؟
وتناول المحاضر موضوع الدولة الاجتماعية، مؤكدًا أن الديمقراطية شرط أساسي لأي تحول اجتماعي وسياسي، وأن بناء دولة اجتماعية قوية لا يمكن أن يتم دون توفر شروط ديمقراطية حقيقية، سواء على المستوى الوطني أو في احترام المعايير الدولية ذات الصلة.
وشدد لحبيب على أن تفعيل الدولة الاجتماعية وفق المقاييس المعترف بها دوليًا يقتضي وجود حكومة تحترم الحقوق الاجتماعية للمواطنين، داعيًا إلى التفكير في سبل تدبير شؤون الدولة بطريقة تضمن فعالية المسار المجتمعي بالمغرب.

وأضاف أن تأسيس دولة اجتماعية متقدمة يمر عبر تأسيس دولة ديمقراطية حقيقية تُبنى على انتخابات نزيهة وأحزاب قوية وذات أدوار واقعية. كما ربط لحبيب ضعف المشاركة السياسية، خاصة العزوف عن التصويت، بفقدان الثقة في الأحزاب، معتبرًا أن ذلك ينعكس سلبًا على المشهد السياسي، وهو ما يجعل انخراط الجمعيات والمجتمع المدني في الشأن السياسي ضرورة ملحة.
وفي السياق ذاته، دعا لحبيب إلى عدم النظر إلى الحركات الاجتماعية بمنطق الصدام مع مؤسسات الدولة، بل التعامل معها باعتبارها وسيلة للتعبير عن المطالب وإيصال صوت المواطنين، مؤكّدًا أنها لا تمثل تهديدًا، وإنما دفاعًا عن الحق في الصحة والتعليم والشغل وباقي الحقوق الأساسية.
وفي ختام المحاضرة، فُتح باب النقاش أمام الحضور، حيث طُرحت مجموعة من الأسئلة حول محاور اللقاء، وتولى المحاضر الإجابة عنها وتوضيح عدد من النقاط المرتبطة بالموضوع.
