جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-
دعا رئيس الحكومة، الاثنين 12 يونيو 2023 بمجلس النواب، إلى إشراك الكفاءات المغربية بالخارج في مهام التدريس والبحث بمؤسسات التعليم العالي بالمغرب، مشددا على ضرورة إعادة النظر في برنامج “FINCOME” والرفع من جاذبية منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بالنسبة لهذه الكفاءات. فأين وصل هذا البرنامج؟ وما هي التحفيزات التي تشتغل عليها الوزارة الوصية لاستقطاب الكفاءات المغربية بالخارج؟
أكدت جميلة العلمي، مديرة المركز الوطني للبحث العلمي والتقني التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أن الوزارة تعيد النظر في برنامج “FINCOME” (المنتدى الدولي للمهارات المغربية بالخارج)، من أجل تحفيز المغاربة الباحثين بمختلف بقاع العالم على التدريس بالجامعات المغربية.
★ 700 خبرة قصيرة المدى
وأوضحت العلمي، في تصريح لـSNRTnews، أن هذا البرنامج الحكومي، الذي تم إطلاقه سنة 2003 والشروع في تنفيذه في سنة 2006 تحت إشراف المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، يهدف إلى تعزيز إسهام الكفاءات المغربية في العالم في جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالمغرب، سواء من حيث التدريب أو البحث أو الخبرة أو الاستشارات أو المبادرات الخاصة.
وأبرزت المسؤولة بالمركز أنه في إطار تنفيذ برنامج “FINCOME”، يتولى المركز الوطني للبحث العلمي والتقني (CNRST) منذ عام 2006 مهمة التسيير والمتابعة لهذا البرنامج من خلال إطلاق دعوة لتقديم طلبات لدعم الأنشطة التي تشمل المهارات المغربية المقيمة في الخارج ودعم إجراء البحوث والخبرات بإشراك الكفاءات المغربية في العالم، مضيفة أن المركز دعم، منذ عام 2006 إلى غاية 2017، أكثر من 700 خبرة قصيرة الأمد؛ أي بمتوسط 70 خبرة سنويا.
وأوضحت أن هذا الأمر يعني استقطاب أكثر من 700 أستاذ باحث مغربي مقيم بالخارج لمشاركة خبرته مع طلبة الجامعات المغربية، مشيرة إلى أن هؤلاء الأساتذة جاؤوا من جميع أنحاء العالم، فيما تحتل فرنسا النسبة الأكبر (حوالي 52 في المائة) تليها الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي ما يتعلق بطريقة عمل هؤلاء الأساتذة بالجامعات المغربية، أبرزت مديرة المركز الوطني للبحث العلمي والتقني أن السيناريو الوحيد الذي كان معتمدا طيلة فترة عمل هذا البرنامج من 2006 إلى 2017 كان يقتصر على مجيء الأستاذ الباحث المقيم بالخارج إلى المغرب من أجل إلقاء محاضرة معينة في تخصص دقيق أو مناقشة بحث تخرج أو تقديم درس محدد، في مدة لا تتعدى 15 يوما.
★ تجويد البرنامج
وفي سنة 2017، تقول العلمي، قام المركز الوطني للبحث العلمي والتقني بتقييم شامل لهذا البرنامج، عبر إجراء دراسة لعينة من المستفيدين تروم معرفة مكامن القوة والضعف في البرنامج وشكل التحفيزات التي يجب توفيرها لاستقطاب هؤلاء الأساتذة، وذلك بعد الاستماع إلى توصياتهم، مبرزة أن هذا البرنامج توقف نهاية العام المذكور نظرا لعدم وجود أساس قانوني للإقامات قصيرة الأمد لهؤلاء الأساتذة الباحثين.
وتابعت العلمي أن الوزارة الوصية قامت بدارسة هذا الموضوع مع وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج – قطاع المغاربة المقيمين بالخارج، والتي تخللت بصدور قرار وزاري مشترك يروم تجويد هذا البرنامج.
وتسعى الوزارة إلى الرفع من عدد هؤلاء الأساتذة الباحثين عبر خلق تحفيزات جديدة لاستقطاب مغاربة العالم، بحيث مازالت المقتضيات التنظيمية تعيق هذه العملية بالنظر إلى التعويضات الضعيفة التي يتلقاها هؤلاء الأساتذة والتي لا تتعدى 750 درهما في اليوم وثمن تذكرة الذهاب والإياب.
وأكدت مديرة المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، في هذا الإطار، أن أغلب الأساتذة الباحثين يرغبون في التدريس بالجامعات المغربية فقط حبا في بلادهم ورغبة منهم في تبادل خبراتهم مع الطلبة، مبرزة أن من شروط تجديد برنامج “فينكم” إعادة النظر في التحفيزات المقدمة لهؤلاء الأساتذة من أجل استفادة الجامعات من خبراتهم.
من جهة أخرى، أوضحت المسؤولة ذاتها أن الجديد الذي جاء به القرار المشترك الموقع بين القطاعات الوزارية الثلاثة يتجلى في الانفتاح على الأطباء والمهندسين أيضا، موضحة أن البرنامج كان يهم فقط الأساتذة الباحثين، إلا أن المرحلة القادمة ستهم مختلف الكفاءات وذلك وفق شروط معينة.
ومن بين النقاط التي يتم الاشتغال عليها في المرحلة الحالية، تضيف العلمي، تحفيز هؤلاء الأساتذة على التدريس لمدة طويلة الأمد في بلدهم الأصل، مشيرة إلى صدور قرار ثلاثي سنة 2021 يجمع وزارة التعليم العالي ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج مكن من إنشاء إطار مناسب لاستمرار البرنامج وتنويع فترات استقبال الأساتذة المعنيين.
وتهم هذه الفترات ثلاثة سيناريوهات؛ الأول قصير المدى (من أسبوع إلى 15 يوما) والثاني متوسط المدى (من 16 يوما إلى شهرين) والثالث طويل المدى (من 3 أشهر إلى 12 شهرا).
★ ماذا عن الأساتذة القارين؟
أما على مستوى الأساتذة الباحثين من مغاربة العالم الذين لهم خبرة في المجال والراغبين في العودة إلى أرض الوطن للتدريس بالجامعات المغربية، أوضحت العلمي أن القانون الحالي لا يحفز هؤلاء الأساتذة الباحثين للقيام بذلك، بحيث مازالت شروط التدريس بالجامعات المغربية تعيق استقطاب هؤلاء الأساتذة.
ويجب على الأستاذ الباحث الراغب في التدريس بالجامعات المغربية وضع طلب والمرور من المراحل ذاتها التي يمر منها أي باحث حاصل على شهادة الدكتوراه بغض النظر عن تجربته التعليمية بالخارج، وهو الأمر الذي يعيق استقطاب عدة كفاءات مغربية.
وأكدت العلمي أن الوزارة تعيد النظر في هذه الشروط من أجل أخذ تجربة الأستاذ الباحث في الخارج بعين الاعتبار، وتمكين الكفاءات المغربية من المساهمة في تجويد المسار التعليمي للمملكة.
وتسعى الحكومة إلى تسريع وتيرة إصلاح التعليم العالي بشكل يواكب التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة وينسجم مع أهداف ورش الدولة الاجتماعية، وفق ما أكده رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
وشدد رئيس الحكومة، في جلسة المساءلة الشهرية المنعقدة الاثنين 12 يونيو 2023 بمجلس النواب حول تجويد منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، على أهمية إشراك الكفاءات المغربية بالخارج في مهام التدريس والبحث، ضمن مهام رئاسة الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، وإعادة النظر في برنامج “فينكم”، من خلال إدراج مقتضيات تنظيمية في النظام الأساسي الجديد للأساتذة الباحثين، مبرزا أن هذه الخطوة من شأنها الرفع من جاذبية منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بالنسبة لهذه الكفاءات.