جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير- 
لا شيء يُوجع هذا الوطن مثل أن ترى أمّاً تصرخ ألماً لأنها تشعر أن ابنها يمكن أن يموت… لا بسبب الاعتداء فقط، بل بسبب الانتظار.
قصة الشاب الذي تعرّض لاعتداء بشع في حي الزاهية بالجديدة ليست مجرد حادث عابر، بل هي مرآة لما يحدث يومياً في أحياء كثيرة: عنف بلا سبب، شباب يضيع بلا رادع، وأسر بسيطة تتحمّل الآلام وحدها.
ما قالته السيدة سومية، والدة الضحية، ليس مجرد شكوى؛ إنه صرخة مجتمع بأكمله. تصف لنا بكلمات بسيطة كيف هاجم شابان ابنها بسلاح أبيض وعصي، وكيف وجدته غارقاً في دمائه. لكن الأكثر ألماً هو الجزء الثاني من الحكاية: حين وصلت إلى المستشفى ظنت أنها انتهت من الكابوس… لكنها كانت فقط في بدايته.
كيف يمكن أن نقبل أن مستشفى عمومياً، في مدينة كبيرة مثل الجديدة، يعجز عن توفير سكانير لحالة طارئة؟ كيف يُعقل أن يُترك شاب ينزف لساعات لأن أسرته لا تملك 2000 درهم للذهاب لعيادة خاصة؟
من المفترض أن يكون المستشفى العمومي حصن الضعفاء، لا عبئاً إضافياً عليهم.
ولعلّ المفارقة المؤلمة أن كثيراً من المواطنين فقدوا الثقة في خدمات المستشفيات العمومية، ليس لأن الأطر الطبية غير كفؤة—فغالباً هي تعمل بما يتوفر لها—ولكن لأن المنظومة نفسها منهكة، مُثقَلة، ومفتوحة على العشوائية. وما قصة السيدة سومية إلا مثال واحد من عشرات تُروى كل يوم.
نحن لا نتحدث هنا عن “حالة فردية”، بل عن مشكلة بنيوية تتكرر منذ سنوات:
– اعتداءات يومية في الشوارع بلا رادع حقيقي.
– مستشفيات عمومية عاجزة عن التكفّل اللائق بالحالات المستعجلة.
– أسر فقيرة تُحاسَب على فقرها قبل أن تُعالج جراحها.
ولأن هذا البلد يستحق أفضل، ولأن الناس البسطاء يستحقون كرامة العلاج، فإن المسؤولية اليوم ليست فقط على وزارة الصحة، بل على الجميع: المجتمع، السلطات، المؤسسات، والضمائر.
في النهاية، ما تطلبه أمّ مثل سومية ليس كثيراً:
أن يجد المصاب سريراً… قبل أن يفقد حياته.
وأن يجد الضعيف حماية… قبل أن يسقط ضحية.
هل هذا كثير على دولة في طريق الإصلاح؟
أم أننا لا زلنا نؤجل الأسئلة التي يجب أن تُطرح منذ زمن بعيد؟
